أقول لكم

محمد يوسف

نحن عاطفيون، تأخذنا العاطفة شرقاً وغرباً، نتبعها، وهي تتبعنا، نمتزج ببعضنا، تهزنا كلمة جميلة، وتستثير حميتنا دمعة ساخنة، وتراق دماؤنا عند أعتاب جملة أو شطر بيت من قصيدة.

أمة رقيقة، حساسة، لا تشمت، ولا تفرح لمصاب عدو، تحركنا المشاعر، ونموت دون الحنث بالوعد، وولاؤنا مطلق للعهد، بدأنا قبل الكتابة والتدوين في الالتزام بالقول، وضعنا بطولاتنا في الشعر الذي مازال ينتقل منذ عصور الجاهلية حتى يومنا، مازلنا نتذكر شاعرنا الكبير الذي أراد أن يهرب من قطاع الطريق، وكيف ذهب ضحية لبيت شعر قاله متفاخراً ذات يوم وهو متكئ على الوثير من الفرش، ويوم اللقاء ذكره خادمه بما قال عن الشجاعة والسيف والثبات عند النزال، فوقف ليواجه قدره وهو يعلم أنها نهايته.

قد نختلف في الرؤى، وقد نكره أفعالاً لبعضنا، وقد لا نحب من يتكبر ومن يستبد، ولكننا نحزن كثيراً إذا رأينا أثر الأيام بادياً على من لم نتفق معه، تتحرك عواطفنا عندما تدور الدوائر، تسقط حسابات البشر وتعلو حكمة الرب، ونعود إلى الأصل، نتذكر الحسنات ونسقط كل السيئات، هكذا نحن، ولولا ذلك ما كنا الأمة الجديرة بهذا الدين القيم، وما كنا حملة الرسالة إلى يوم الدين، بذرة التسامح انزرعت فينا، وارتوت، وأثمرت.

كان مشهداً مروعاً، استدعى كل مخزوننا المكبوت من التعاطف، يا الله، تلك الدموع التي انهمرت حزناً على الرجل وما أصبح عليه، والدعاء الذي انطلق من كل القلوب إلى مالك القلوب والعقول، وفيض المشاعر المختلطة بالرفض والإنكار، كلها نتاج لتاريخ أمة ترفض الانتقام والحقد والكراهية، هذا ليس علي عبدالله صالح، ليس المصير الذي يستحقه، بعيداً عن كل المطالب والحقوق، هو يستحق غير ذلك، تلك كانت أقوال النفوس المصدومة بمشهد اللحظة الأخيرة، حركتها العاطفة العربية التي لا ننفع من دونها، فنحن نتبعها وهي تتبعنا، تمتزح بنا، تحكمنا، ترسخ عهودنا التي تبني شخصيتنا.

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر