أبواب

العين على قائمة «اليونسكو»

سالم حميد

تستحق الإمارات، حكومة وشعباً، التهنئة على الإنجاز الثقافي التراثي الكبير بإدراج مدينة العين كأول مدينة إماراتية ضمن قائمة التراث العالمي للبشرية، فطبعاً معظمنا يعرف القيمة التاريخية لمدينة العين، لكن عالمياً يجهل الكثيرون قيمة هذه البقعة الغالية من إماراتنا، وحسب ما جاء في الاجتماع رقم 35 للجنة التراث العالمي باليونسكو، الذي عقد في باريس، فقد كان هناك إجماع على إدراج مدينة العين التي حافظت على مستوى عالٍ من الأصالة، على الرغم من خطوات التطور السريعة التي تشهدها الإمارات. فعلى كل الصعد يعد هذا إنجازاً حضارياً، حققته الإمارات وله تبعات عدة في جميع المجالات، ويؤكد الدور الريادي لدولتنا، وأن الاستثمار في البناء والتطوير والعمران والحداثة، لم يلغ اهتمامنا بتاريخ بلادنا وتراثنا، ويدل على إدراك أهمية الانطلاق من التراث والثقافة المحلية نحو أفق أوسع، فالذي لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له، لذلك فإن عودتنا إلى أصولنا وتمسكنا بعاداتنا وتقاليدنا لا تلغي مواكبتنا للحاضر أو التطور في المجالات كافة، فتقاليدنا هي أسس نبني عليها ونستقي منها، ومن هنا يجب أن نحافظ على تاريخنا العريق، ونوثق تفاصيله المختلفة، كما يجب أن نثقف الجيل الجديد، ونعرفه بتاريخ آبائه وأجداده، ونحافظ على ما لدينا من تراث وثقافة عبر ترسيخها وتقديمها للعالم كصورة واضحة لمنجزات الإماراتي عبر التاريخ، فالمواقع الأثرية هي كنز حقيقي يجب أن نحافظ عليه.

هي دعوة بأن نتبع هذا النهج في ترسيخ جميع المواقع الأثرية في بلدنا، وأن نظهرها للعالم ونعرف بها من خلال حملات منظمة وعبر هيئاتنا المختلفة المحلية والاتحادية، للتأكيد على الدور الحضاري للإمارات وإثبات عمق جذورنا في أرضنا التي عشنا وعاش من قبلنا على أرضها الطيبة أجدادنا الذين كافحوا لنصل إلى ما وصلنا إليه الآن من تطور ورفعة، فالإمارات واحدة وجذورها ضاربة في الأرض على مر العصور. فهذا الإنجاز الكبير لم يأت من فراغ بل كان عبر سنوات من العمل الجاد والمنظم، الذي قامت به مؤسسات حكومية عدة على رأسها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، التي عملت منذ انطلاقتها على ترسيخ العمل الثقافي والاهتمام بالمواقع التراثية والأثرية وترميمها، حسب المعايير الدولية، وتنظيم أرشيف يضم جميع تلك المواقع وهذا ينم عن مدى الحرفية التي تعمل بها الهيئة، وما النتيجة التي تم تحقيقها إلا إثبات واضح على قيمة ودور العمل الدؤوب في ترسيخ الحراك الثقافي في مجتمع الإمارات وحتى على المستوى العالمي.

هي خطوة وفي انتظار خطوات مماثلة تثبت الدور الريادي للإمارات وأبناء الإمارات، فأرض بلادنا خصبة وكنوزنا الحضارية موزعة في بقاع وطننا وتحتاج إلى كل اهتمام وعناية، وعلينا أن نوحد الجهود في هذا المجال لنحافظ على تراث نحمله معنا نحو مستقبل واعد. ولعل هذا الاعتراف العالمي الكبير الذي حققته هيئة أبوظبي للثقافة والفنون سيشجع بقية المؤسسات المحلية المعنية بالحفاظ على التراث على ضرورة اتباع المعايير الدولية الخاصة بالترميم بحذافيرها للحصول على اعتراف اليونسكو. يذكر أن لدى بعض تلك المؤسسات تجارب خاطئة وغير مدروسة بشكل سليم، ولكن نتمنى أن تكون قد استوعبتها الآن.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر