أقول لكم

محمد يوسف

الأشخاص الذين تتهيأ لهم الظروف المناسبة ليتولوا سلطة ما مشكلتهم أنهم ينسون أنفسهم، ينسون الماضي الذي عاشوه، وينسون الذين سبقوهم وأين أصبحوا، ويُرجعون كل ما أصبحوا عليه إلى قدراتهم الفكرية والعلمية والذهنية حتى الجسدية، وتتلبسهم ملكات العبقرية المتفردة التي لا يجود الزمان بمثلها كثيراً!

السلطة ليست المناصب السياسية فقط، بل هي متنوعة ومتداخلة، أقصد السلطة، والجبروت أيضاً لا وظيفة معينة له، بل هو عام وشامل، قد يبدأ من أدنى المناصب، وقد يكون متخفياً خلف مسميات غير ذات قيمة ظاهرياً، لكنها فاعلة ومؤثرة من حيث لا ترى، ومع ذلك لا ننتبه إلا للأسماء الرنانة التي تظهر وتتمدد أذرعها كالأخطبوط، وتجرف كل ما يصادفها، تبلع هذا، وتزيح ذاك من أمامها، وتدفن آخرين، ولا تعيش من دون أن تبطش، كأن البطش سمة مشتركة عند كل من وجدوا أنفسهم كباراً، سواء في السياسة أو الإدارة العليا أو حتى في رئاسة الشركات والمؤسسات.

في بعض الدول كان ضابط الشرطة مشروعاً معتمداً للبطش والافتراء على خلق الله، وكان ولايزال «مأمور الضرائب» يملك من السلطات غير المشروعة ما ينهي به مستقبل رجل أعمال شريف أو شاب طموح، وفي دول أخرى يظهر اسم جديد إلى السطح، لا يعرف تاريخه، ولا إسهاماته في العمل العام، ويتوغل في جميع التفاصيل، يمسك خيوطاً متفرقة ويجمعها بين أصابعه، ويدير شركات، ويحتكر مناصب، وبكلمة منه تفتح أبواب وتغلق أخرى، ويتساءل عنه الناس، ولا يسمعون غير الهمس، همس ينتشر حول علاقته بفلان، وأنه رجل «علان»، ولأنه يملك تلك «الكروت» الرابحة ينظر إلى الآخرين من فوق، يظن أنه أكبر منهم جميعاً، وأنه لا يمكن أن يزاح من القمة التي تربع عليها، ولا يلتفت إلى الذين أزاحهم من أمامه، لم يقرأ الماضي جيداً، ولم يطلع على المكانة التي كانوا يحتلونها يوماً، هو يقول إن إمكاناته غير إمكاناتهم، وعلاقاته تختلف عن علاقاتهم، والمصالح التي كانوا يحققونها لا تقارن بما يحقق هو من مصالح!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر