أقول لكم

محمد يوسف

ضربنا مثلاً يوم أمس، تحدثنا عن الكبير الذي سقط أو أسقط في لحظة، وبواسطة عاملة تنظيف في فندق بنيويورك، ورأينا كيف كان ستروس كان يعكس صورة للرجل الطموح، الذي لا يحد تطلعاته شيء، وكيف وضع منصب الرئيس هدفاً، اتفقت الآراء على أنه بالغه في العام المقبل، ومن يقرأ سيرة الرجل يجده شديد النظافة، ناصع البياض، سمعته رنانة، وقدوة، ينظر إليه بكل احترام وتقدير، ولكنّ للآخرين رأياً آخر، هم منافسون، وهم لابد أن يدافعوا عن وجودهم، وبحجم طموح الرجل وتطلعاته كانت التحالفات المضادة، فهو ذاهب إلى قصر الإليزيه، إلى حكم بلد يغير مسارات التاريخ متى أراد، ويحتل موقعاً متقدماً في التوازنات الدولية وقيادة الاتجاهات، وهو يحمل فكراً آخر، وقد رسم خريطة مختلفة، خطوطها قد تتعارض مع المرسوم مسبقاً، والمأمول لاحقاً، وربما، نقول ربما لأننا لا نعرف الخفايا بتفاصيلها، ربما كان سقوط هذا الرجل من وجهة نظر المنافسين أجدى لهم من تجربته ومحاولة تطويعه، ربما لأنهم تعاملوا معه وهو مدير لصندوق النقد الدولي، وربما عرفوه وهو نافذ في باريس من قبل، وربما هو صلب في مواقفه، أو واثق بنفسه، وربما يعتقد بأنه على حق وغيره على خطأ، ربما كانت مصالح أطراف كثيرة ستتضرر لو أصبح رئيساً، فكانت الخطوة بعد الخطة، كان على ستروس كان أن يختفي، أن تلطخ سيرته بقعة سوداء تشوّه ذلك البياض الناصع، بقعة صغيرة تأتي من خلف عربة تنظيف، في بقعة قصية، هناك في المدينة الصاخبة، مدينة الملايين والحركة التي لا تتوقف، والأعمال المتواصلة، والمؤامرات الكبرى، في نيويورك وليست باريس، من أجل الحيادية والصدقية والشفافية، الأبعاد الثلاثة لنظرية الحق والعدل والنزاهة، هناك نسجت خيوط إسقاط شخص كان كبيراً، وأراد أن يكون أكبر، ولكنه نسي أن السياسة لها رأي آخر، وأن المؤامرة ربيبة السياسة، فجاء الخريف سريعاً، الورقة الخضراء جفت وماتت، وسقطت، وأحدثت دوياً هائلاً، فالكبار عندما يسقطون يُسمع دوي ارتطامهم بالأرض.

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر