5 دقائق

سافروا.. في الوطن

ميره القاسم

حل الصيف كما نعهده، حالة استنفار تعتري معظم الناس لشد الرحال وترتيب الحقائب استعداداً للسفر هرباً من لهيب الصيف إلى أجواء ربيعية، لكن الأمر في هذا الصيف يبدو مختلفاً كثيراً، فبعض البلاد «عليلة سياسياً» ولا مكان للهدوء. صخب وصراخ وحناجر لا تكف عن الهتاف، ناهيك عن الموت المفتوح في أكثر من دولة عربية، وثمة دول أخرى تفتح أحضانها و«أمراضها المحتملة» للآتين. والسؤال الذي لا ينفك يثور في رأسي كلما اقترب الصيف «شو فيها بلادنا»؟ نحن في الإمارات نتمتع بإمكانات كبيرة سياحياً، ورغم ذلك لم تعلن هيئات تنشيط السياحة بإمارات الدولة خططها لتحفيز السياحة الداخلية غير ترويجات تجارية عدة لا تحمل سمة الهوية الإماراتية، فقد كنت أتوقع من تلك الهيئات البحث والتقصي عما ينفقه السائح الإماراتي، وإن كنت متأكدة من معرفتهم بالأرقام التي ينفقها المواطن خلال سفره خارج الدولة في إجازة الصيف، مع العلم أن متوسط ما ينفقه السائح والمقيم خلال عطلته يقدر بنحو 120 ألف درهم لأسرة صغيرة وتتفاوت الأرقام من دولة لأخرى.

هذا الرقم وغيره من الأرقام تجعل الكثير من المعنيين بالسياحة في تلك الدول التي نسافر إليها يستقطبوننا بعد دراسة ودراية، ونحن نلبي ولا علينا.

إن مثل هذه الأرقام وحدها كفيلة لتشعل الحماسة في هيئات السياحة لدينا للتحرك نحو خطط مدروسة، لكن ما أود أن ألفت النظر إليه لا يدخل في مادة الربح والخسارة، بل يجسد مفهوماً أكبر بكثير من ذلك، ألا وهو ترسيخ الهوية الوطنية وجعل المواطن والمقيم على معرفة ثقافية وارتباط بالوطن.

فلماذا لا تنتهج بعض الشركات والبنوك التي تقدم عروضاً ترويجية مذهلة لاصطياد محبي قضاء العطلات الصيفية بالخارج سياسة مشابهة للترويج للسياحة الداخلية، بدلاً من الاقتراض والوقوع في شرك الديون الثقيلة؟!

والغريب في الوقت نفسه أننا نرى الكثير من أسر دول الخليج يؤكدون وجهتهم لقضاء العطلة الصيفية هنا في ربوع بلادنا.

أليس «المشهد أم الاختراع؟». ألسنا بحاجة إلى ابتكار أفكار خلاقة وتصميم برامج تستطيع التغلب أعلى نمطية «صيّف برّع»؟! والمحيّر أننا إذا سألنا أحد المواطنين أو المقيمين في الدولة ماذا يعرف عن معالم مدينة العين غير جبل حفيت، أو مقومات السياحة الموجودة في الفجيرة أو رأس الخيمة، فالإجابة ستكون صادمة!

ألستم معي في أنه بإمكاننا أن نتجاوز الخلل وأن نشكل جزءاً من أحد مكونات الهوية الوطنية؟!

ألا يكفينا عند زيارة أحد «المولات» التجارية أن نرى اصطفاف طوابير طلاب مدارسنا في رحلة مدرسية لزيارة هذا «المول» كأننا لا نملك أياً من التاريخ الذي يستحق عناء طلابنا لزيارته في رحلة استكشافية وإن لم تكن ممتعة؟!

سيدي المنشّط السياحي «نبغي السفر للوطن»!

وعلى جميع من يحبون هذه الأرض إدراك ما تتمتع به بلادنا من تنوّع وجمال يستلزمان إعادة التفكير في تغيير وجهتنا السياحية إلى الداخل.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر