أبواب

نهاية الطغاة

سالم حميد

يعتقد الطغاة أن الشعب يمكن أن يسكت على الظلم إلى الأبد، والحقيقة أنه قد يصبر طويلاً ولكن حين ينفد هذا الصمت ينفجر ليزلزل الأرض تحت أقدام الطغاة، وما يحدث حالياً في بعض الأقطار العربية من انفجار بشري إنما يأتي نتيجة عدم إدراك طغاتها أن صلاحياتهم منتهية منذ عقود ولكنهم أبوا أن يفسحوا المجال لغيرهم، وازدادوا في طغيانهم يعمهون لدرجة وصلت إلى حد توريث الحكم الجمهوري.

بالنظر إلى عدد من حالات الطغاة في العصر الحديث، نجد أن معظمهم كانوا مدعومين من قبل الولايات المتحدة، واستخدمتهم لتحقيق مصالحها لفترة معينة، حتى إن طالت فإنها تنتهي ثم تنقلب عليه ليتحول «صديق الأمس» إلى «عدو اليوم»، فمثلاً لطالما كان الرئيس البنمي السابق نورييغا حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة لمدة 30 عاماً، قام خلالها بعمليات تجارة مخدرات وغسل أموال وحصل على مكافآت مالية مجزية من الاستخبارات الأميركية، وفي النهاية اقتحمت القوات الأميركية بلاده وأسرته وزجت به في السجن كأي سجين آخر في مدينة ميامي. صدام حسين، حكم العراق لأكثر من 30 عاماً بيد من حديد، ومنذ بداية توليه الحكم وهو «الصديق اللدود» للولايات المتحدة، وكانت الأخيرة ترسل رسلها إلى صدام، ودعمته في حربه مع إيران بالمعلومات الاستخبارية، هذا بخلاف الدعم المادي والعسكري، فلولا المواد الخام الأميركية لما استطاع صدام صناعة السلاح الكيماوي والبيولوجي، ثم انقلبت عليه عام 1989 بسبب زلة لسانه عندما هدد بحرق نصف إسرائيل. فرديناند ماركوس، حكم الفلبين لمدة 20 عاماً بمساندة أميركية من جون كيندي حتى رونالد ريغان، الأمر الذي زاد من فساده، فسرق 50 مليار دولار وتجاوز حقوق الإنسان، وعاش ببذخ إلى أن قامت الثورة الشعبية ضده عام ،1976 ثم جرمته الولايات المتحدة ونفته إلى هونولولو. سلوبودان مليوسوفيتش، طاغية آخر من صربيا، قام في عام 1991 بتفكيك الدولة اليوغسلافية إلى دويلات، ليحقق حلمه بتأسيس دولة صربيا الكبرى، وأعملت آلياته العسكرية المذابح والتطهير العرقي بحق المسلمين، ولولا ضربات حلف الـ«ناتو» له عام 1998 لاستمرت حملته ضد المسلمين، ثم انفجر الشارع الصربي ضد الطاغية عام ،2000 يطالبه بالتنحي، فكان أول رئيس دولة في العالم يقف أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب مجازر ضد الإنسانية، وهنا تزدوج المعايير! فلماذا تمت محاكمة مليوسوفيتش بينما تم تجاهل المجازر كافة التي ارتكبها بعض رؤساء الوزراء الإسرائيليين ضد الإنسانية؟! نيكولاي تشاوشيسكو، الديكتاتور الروماني الذي حكم بلاده بالقمع والتعذيب والابتزاز، وجعل الرومانيين شعباً ذليلا، وبينما كانت الدولة تعاني الديون الهائلة، كان الطاغية يحول أموالاً بلغت نحو ثمانية مليارات دولار إلى حساباته الخاصة في سويسرا، وحسب ما جاء في بعض الصحف الإسرائيلية، كان تشاوشيسكو يبيع اليهودي الروماني الواحد إلى إسرائيل بمبلغ لا يقل عن 5000 دولار. أوجيستو بينوشيه، الطاغية التشيلي السابق، انتهج سياسة قمعية، ووصل إلى السلطة عام 1970 بتواطؤ أميركي، وكادت إسبانيا تقتص منه لولا وقوف أميركا وبريطانيا معه حتى وفاته ،2006 إمبراطور إثيوبيا هيلا سيلاسي أسقطته ثورة «الجياع» عام ،1974 بعد 60 عاماً من الديكتاتورية.

الأمثلة أكثر.. ولكن هذا ما يستطيع العمود استيعابه.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر