أقول لكم

محمد يوسف

هل هي عادة؟ يعني، هل أصبحت كل قضايانا مرتبطة بمسؤول يكذب الحقيقة وعلينا أن نصدقه؟ وبمعنى آخر عندما يكون عندك عشرات من الناس يشتكون من شيء محدد ومعين وحاصل بشهادة الشهود، هل يمكن أن يكون قول شخص واحد حاسماً؟

المسألة بحاجة إلى تفسير، أعرف ذلك، فتلك التساؤلات خطرت ببالي بعد أن تابعت كل ما نشر عن اختفاء بعض الأدوية من مستشفيات ومخازن من رأس الخيمة وعجمان ومناطق أخرى، وما كنت متوقعه حصل، وهو أن أحد المسؤولين سيخرج علينا بتصريح ينفي فيه وجود أي نقص في الأدوية، فيبرئ نفسه ووزارته من كل الأقاويل والمبالغات وعدم الفهم ونقص الثقافة الطبية والجهل بأنظمة الشراء والتخزين والصرف الإلكتروني الحديث، وما إلى ذلك من تلك العادة التي اعتاد عليها مسؤولونا منذ زمن بعيد، وبحق أقول لكم إن تصريح مدير منطقة رأس الخيمة أشعرني بأن المسافة بيننا وبين الشفافية تقارب المسافة بين السماء والأرض، فأين نحن وأين الشفافية منا، البون شاسع، وقد نحتاج إلى أكثر من جيل جديد حتى نقترب منها قليلاً، جيل يخضع لبرامج « غسيل دماغ »، تسقط من خلاياه التكذيبات التي لا تقول الحقيقة، وتستأصل المعلومات التي لا تستند إلى الأدلة والأرقام، وعلى الخاضعين لهذا البرنامج إخراج النصوص الصفراء البالية التي حفظها المسؤولون في أدراجهم، وأن يلتزموا إذا أرادوا الشفافية من « عادة النفي » بالقول المأثور « قل الحق أو اصمت »، تجنباً للإحراج، إحراج أنفسهم ومن يعملون معهم، وأيضاً من يقرأون تصريحاتهم، وأن يخضعوا لدورات تأهيل تدربهم وتفهمهم أن « الاعتراف بالخطأ فضيلة »، والخطأ مثل النقص أو العجز عن توفير الخدمات، بحيث يتعلمون « عادة » جديدة، وهي الاعتراف بأن ما يتحدث عنه الناس قد حصل وأن الأسباب التي أدت إلى ذلك قد تم تداركها، ولن تتكرر مرة أخرى، بدلاً من اتهام المرضى بأنهم جهلة وناقصو ثقافة طبية وحشو كلام، وفي النهاية يكون الاعتراف على استحياء بأن الدواء كان غير متوافر، وأن هناك أولويات غير مفهومة، وكأن القائل فقط هو الذي يفهم ويعي ويقول الحقيقة!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر