أقول لكم

محمد يوسف

يمكننا أن نستغني عن الخيار، ومعه الخس والجزر والبروكلي، وحتى الطماطم والجرجير، البشرية لن تنقرض إذا اختفى طبق السلطة من الموائد، فقط أولئك الذين يسمون أنفسهم النباتيين سينزعجون قليلاً، لا بل كثيراً، لكنهم لن يموتوا من الجوع، فعندهم الكوسا والفلفل والقرع و«الرويد»، وعشرات أخرى من الأصناف التي يمكن اللجوء إليها، حتى لا يقعوا ضحية هذا الجديد المتفشي والمسمى «إي.كولاي»، الذي لم يدخل بعد ضمن قائمة الأمراض المعدية السارية، لكنه لا يبشر بالخير، فالسادة ناشرو الأمراض ومخترعوها لا يعلمون شيئاً عن مصدره، مرة يقولون إنه فيروس، ومرات أخرى يطلقون أسماء لم نسمع بها، لكنه في النهاية يمكن أن يصنف على أنه وسيلة جديدة من وسائل الفتك بالبشرية، ناتج عن جشع صاحب مزرعة أو منتج محاليل زراعية أراد أن يضاعف أرباحه، وما بين خلط مادة كيماوية وأخرى تنتج السموم والفيروسات وتنتعش الجراثيم والميكروبات، وتتجمع في بطن الإنسان الذي يثق بالأنظمة والمختبرات ومراقبي الإنتاج، وبعد أن يسقط الأول صريعاً ولا يعرف لماذا مات، ثم يسقط الثاني والثالث والعاشر وتنتبه السلطات، ويحقق هذا ويفسر ذاك، وتتحرك فرق التفتيش، وترتفع قوائم الاحتمالات، وتزيد الوفيات، بعد كل ذلك يتم استبعاد الإرهاب، ثم «القاعدة»، ثم التنظيمات العنصرية وأصدقاء البيئة، ويجدون مزرعة صغيرة كان ملاكها فرحين بإنتاجهم الغزير وجودته، وتقوم الدنيا ولا تقعد، ويبدأ اللوم، ثم تلفت الأنظار إلى مسببات أخرى، ويقف العالم على رجل واحدة، تماماً كما حصل مع البقر المجنون، والدجاج المصاب بالزكام، وكحة الخنازير، وتبتعد الإجابات عن الحقيقة، هكذا هم دوماً يفرغون تقاريرهم ونتائج تحقيقاتهم من النتائج الفعلية لأفعالهم، يهربون بنا شرقاً وغرباً، ولا يخبروننا بأنهم يعتدون على الطبيعة بأبحاثهم وتركيبات عقولهم الطامعة في مزيد من المال، يجنونه من الضحايا الذين يتساقطون، لأنهم أكلوا الخيار اليوم وبعض اللحوم أمس.

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه

تويتر