أبواب

فاشل حقوقي

سالم حميد

في الكلمة الأولى من عنوان المقال، استبدلت حرف النون بالفاء، وحرف اللام بالطاء، لتصبح الكلمة «فاشل» بدلاً من «ناشط»، لأن مدعي النشاط الحقوقي لدينا، في معظمهم، يجهلون الآلية الصحيحة أو المهذبة لممارسة النشاط الحقوقي، حتى أصبحت أخيراً مهنة لمن لا مهنة له.

مجموعات حقوقية، معارضون، مدافعون عن الحريات، ألقاب عدة أصبحنا نسمعها اليوم، وشخصياً لست ضد حقوق الإنسان أو غيرها من الحقوق، لكن هذه الموضة، إن صح التعبير، تدفعنا إلى التفكير في سبب ظهور هذه المجموعات، وما أهدافها، وإلى أين تريد الوصول؟ أي ببساطة ما نيّاتها؟ هل هي مجرد تقليعة وموضة، أم أنها أمست عمل من لا عمل له، أم هي طلب للشهرة من باب «خالف تعرف»؟

كلنا مع حقوق المواطن، لكن من يطالب بالحقوق، يجب أن يدرك الواجبات، وليس ما يبحث عنه هو مجرد افتعال بلبلة ضمن مجتمعنا، لأهداف ونيات مبيتة يطول الحديث عنها، فالتحلي بروح المسؤولية أساس أي فعل ضمن مجتمعنا، والغوغائية لن تصل بنا إلى أي مكان، فأن يقوم البعض بادعاء أنه من مجموعة حقوقية، ويعبث ويشوه سمعة بلدنا، فهذا أمر مرفوض، لأن المسؤولية التي تقع على المثقفين من أبناء الإمارات يجب أن تتجاوز تطلعات شخصية بهدف شهرة آنية، وأن تتجاوز ذلك للتفكير في مصلحة البلد ككل، ومصلحة مواطنيه. أما أن يكون افتعال ضوضاء حول أمور تخصنا نحن الإماراتيين، فأراه ببساطة استغلالاً لفرص أتاحتها الأوضاع الإقليمية، ليصطاد هؤلاء في الماء العكر، فموجة الثورات التي تعم منطقة الشرق الأوسط، والتركيز الدولي على ما يحدث في هذه المنطقة أثار شهية مقتنصي الفرص، لينشبوا أظفارهم في بلد لطالما احتضنهم وأعطاهم من الحقوق ما لم ولن يحصلوا عليه في أي بلد آخر، والذي جرّب تجربة العيش في أي بلد من بلدان الدول المتقدمة يدرك سقف الحرية هناك، ومقدار هذه الحرية، وأين تقف غالباً.

هذه الضوضاء التي يثيرونها بين فترة وأخرى، خصوصاً في مواقعهم الإلكترونية، تثير شهية الصحافة والإعلام الغربي، ليقوم بدوره باقتناص فرصة لطالما أجاد اقتناصها، ولينطلق هذا الإعلام ببث قصص وتقارير تسيء إلينا نحن شعب الإمارات، وتقلل من أهمية ما وصلنا إليه على مدار عقود قصيرة، حتى أصبح بلدنا مقصداً للكثير من الحالمين حول العالم، علّهم يحققون ما لم يحققوه في أوطانهم التي تدعي التقدم، وأنها ضمن منظومة العالم الحر، وكثيراً ما قرأنا في صحف غربية مقالات وتقارير تقلل من شأننا، وكيف أننا حولنا الصحراء إلى أكثر المدن ازدهاراً وتقدماً، لكن علينا الاعتراف بأننا بلد حديث بكل المقاييس، ومازلنا في طور التطوير وتحديث تجربتنا على المستوى الداخلي، وهذا أمر صحي، لكن نرفض قطعاً أن تقوم شرذمة بتشويه صورتنا بالسبل كافة.

إنها دعوة للعمل تحت سقف الوطن الذي قدم لنا الكثير مما نستحق كإماراتيين، نعتز ببلدنا، بلد له خصوصيته، أما من يغرد خارج السرب فربما الأفضل أن يغادره، لربما يجد له مكاناً أفضل في بقعة أخرى، لكنني أستبعد هذا الأمر.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر