أقول لكم

محمد يوسف

انفتحت الأبواب أمام الجميع في تونس، على أي شيء يمكن أن تأخذ كل صاحب فكر أو رأي أو موقف، وحتى صاحب الطموح وجد الفرصة مواتية ليشكل حزباً ويخوض غمار السياسة التي توصل إلى كل شيء، 80 حزباً فقط هي التي سُجلت حتى الآن، وقد كانت تونس كلها تعيش تحت نظام الحزب الواحد القوي المسيطر، وبضعة أحزاب هامشية للتزيين، وقد يصل التوانسة إلى الانتخابات وخياراتهم مقسمة إلى أكثر من 100 حزب، وربما 200 أو أكثر، فالعملية لا تحتاج إلى أكثر من بضعة توقيعات واسم « رنان »، ومقر في شقة ملاصقة لصالون حلاقة أو محل مساج، وتنتهي إجراءات الإشهار، والناس يضحكون على هذا « الماراثون » العجيب نحو المتاجرة بالمواقف واقتسام الولاءات، يضحكون لأنهم كما يقول الشباب قبل الكهول، إن أحلامهم قد تضيع في جنبات « دكاكين » السياسة، لأنها أحلام عادية وعفوية، كانت ومازالت تتركز حول عيش حياة كريمة تتوافر لها أبسط الأسباب، إنهم يبحثون عن مصدر الرزق والمأوى، ولا يريدون أن يكونوا سلعة تُباع وتُشترى، أحلامهم ليست معروضة للبيع، وكذلك مستقبلهم، وبالتأكيد لا يمكن أن يكون مستقبلهم في التحزبات التي لا تسلم من الانتماءات إلى أطراف داخلية في أحسن الأحوال، وأطراف خارجية في أخطرها وأكثرها قسوة، إنها صورة غير مبشرة، فهذه تقسيمات طوائف، وإن حملت الصفة الحزبية، وكل طائفة تدعي أنها على حق، وقد حدث ذلك في انتخابات الصحافيين، وظهر من يُنصّب نفسه قاضياً وحكماً وجلاداً في الوقت نفسه، وشهدت كيف تحول الأصدقاء إلى أعداء من أجل الفوز بأصوات الناخبين، وكيف لا يتورع صاحب المهنة الشريفة عن إصدار التهم والحكم بشطب زملائه من قوائم الصحافة بصفته النزيه الوحيد، ثم كيف يرد عليه الآخر بالسباب والشتائم حتى يلوث سمعته ويهين كرامته، والجمهور يصفق لهذا وذاك، التفت نحو رئيس الاتحاد الدولى للصحافيين وتساءلت إن كانوا سينصبون المشانق لبعضهم، بعد كل ما شاهدناه وسمعناه، وتساءلنا كيف سيكون الحال في انتخابات عامة يخوضها عشرات الأحزاب المتصادمة في الاتجاه والاعتقاد؟!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر