أقول لكم

محمد يوسف

لا يمكن أن نكتشف الحقيقة الآن في تونس، صعب جداً أن نقرأ التفاصيل كافة، في أيام عدة، لكن المؤشرات تكشف بعض الغموض، وبالنسبة لي أجدني ناقلاً انطباعات شخصية أكثر مني محللاً مجريات الأمور، وقد قلت لكم أكثر من مرة، بأنني لا أحب أن أفلسف كلامي أبداً، وما حصل هو أن زيارتي إلى تونس جاءت لمشاركة الإخوة الصحافيين في اجتماعاتهم، وانتخاب مجلس جديد لنقابتهم، هذه النقابة التي كانت ضحية لصراع الأجنحة في عهد بن علي، وخلافات التكتلات داخلها، وكان يفترض أن ينعقد المؤتمر التصالحي الذي توصلنا إليه مع كل الأطراف المتنازعة في الـ16 من يناير، لكن الأحداث أجلته، وكذلك تغير النظام، وقد أوفى الجميع بتعهداتهم، والتأم الشمل، لكن الصور تحركت من أماكنها.

كثيرون من الذين قاوموا وقاسوا من أجل صحافة حرة، أصبحوا متوجسين بعد بضعة أشهر من اختفاء وزارة الإعلام وكل أجهزة الرقابة في الدولة، بل الدولة نفسها ما عادت موجودة في تونس بالشكل الطبيعي والعادي للدول، وسبب توجس بعض رموز الصحافة في تونس من الصحافة هو الانفلات غير المسيطر عليه لكل وسائل الإعلام، فغابت الحقيقة على حساب الشائعة، وطمس الكذب الصدق، واعتدى مبدأ تصفية الحسابات على كل مدونات الأخلاقيات المهنية، في الوقت نفسه الذي يفترض فيه أن تقود الصحافة ومعها الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني المجتمع إلى الاستقرار والأمان والعودة من جديد إلى دولة المؤسسات، شكوك واتهامات وافتراءات غير موثقة أو مسنودة إلى أدلة تطال أي شخص أو جهة، ولاعبون جدد تحس بوجودهم دون أن تراهم، ربما من أصحاب الأجندات أو الأموال، الرؤية غير واضحة، تشعر بأن هناك شيئاً ما يدور في الخفاء، لكنك لا تعرف من خلفه، ربما تجّار الفوضى، وربما أصحاب المصالح الذين يستغلون الظروف المرافقة للتغيير ليحجزوا لأنفسهم مواقع وأنصبة، وربما بعض الأطراف السياسية الداخلية والخارجية التي تبحث عن موطئ قدم، ولهذا انزوت تلك الرموز خلال المؤتمر، ولم تترشح للانتخابات، فهي لا ترغب في أن تكون طرفاً خلال هذه الفترة الضبابية!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر