أقول لكم

محمد يوسف

الشارع التونسي شيء آخر، ففي النهار الأول لي هناك كان لابد أن ألقي نظرة على الشارع، وعلى الناس في الشارع، ومع أحد الأصدقاء جلنا لمدة ثلاث ساعات بالسيارة في أكثر الأماكن شعبية وازدحاماً، لم نترك «زنقة» لم نمر بها من خلف «باب البحر» في قلب العاصمة، وشارع اليومين الحاسمين، شارع «بورقيبة» الذي لايزال القلب النابض بمقاهيه وممراته وفوضوية مرتاديه، وهنا ترى آثار التحول الكبير، الشباب يتحدثون في كل شيء، بثقة وجرأة، وكما قلت بالأمس، من دون خوف من عين ترصدهم أو أذن تسمعهم، ما عاد هناك أحد يسجل النبضات والهمسات ويحاسب على الهمهمات، إنهم يضحكون من أي شيء وعلى أي شيء، هكذا هم، فرحون، ويرددون دوماً أن المستقبل لهم، يعلنون عن تفاؤلهم، ومازالوا يحضنون رجال الشرطة في الشوارع ويقبلونهم من دون مناسبة، ورجال الشرطة يتأففون من هذا الود الزائد على حده، ولو كان الأمر بيدهم لاستخدموا الكمامات في إعلان صريح عن خوفهم من التلوث، هذا ما قاله أحدهم معلقاً عندما سألناه عن شعوره، مضيفاً أنه أصبح يتمنى أن يكف الشباب عن «بشاشتهم» المبالغ فيها كما كف هو وزملاؤه عن ترصدهم واستخدام الغلظة في التعامل معهم، إنه يريد المعاملة بالمثل، ولكنهم لن يحصلوا على مرادهم، لأنها تونس الجديدة، التي إن ظهر الشرطي في شارعها الأكبر والأشهر اختفى في الأسواق الشعبية، فهناك الحكم لسادة الشوارع والأحياء، وهم يمثلون تلك الفئة التي تنتجها الفوضى، وهي فئة في الأصل خارجة عن القانون تستغل الظروف لتصبح هي القانون بالجبر و«البلطجة»، ولم يتردد بعضهم في اعتراض طريقنا والسؤال عن هوياتنا أو توجيهنا إلى حيث تباع البضائع المهربة بكل أصنافها، وتنعكس لديك الصورة لتتحول من الإيجابية إلى السلبية، وتتغير صورة تونس الجديدة شيئاً فشيئاً مع كل يوم يمر عليك وأنت تبحث عن الحقيقة!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر