5 دقائق

من دون «حسبي الله»

ميره القاسم

الضوابط التي تضعها هيئة الصحة بالنسبة للعاملين في الدولة تمثل عقبة كبيرة في طريق المؤسسات الخاصة والعامة، وذلك نظراً إلى اعتماد هذه المؤسسات على العمالة الخارجية، فحين يتم استقدام بعض العاملين الجدد يشترط الضمان الصحي أن يتم تسجيلهم ودفع مبلغ 600 درهم بعد دخولهم الدولة بأسبوع، حتى لا يتعرضوا لغرامة قدرها 100 درهم عن كل شهر، فماذا لو لم يستمر العامل في مؤسسته، وترك العمل لأي سبب بعد شهر مثلاً؟ هل تقوم هيئة الصحة بإرجاع مبلغ التأمين إلى الكفيل؟

معروف أن كثيراً من الخدم لا يستمرون بعد شهر أو أسبوع من دخولهم في العمل والبيوت، إذ تتكفل مكاتب استقدام العمالة بجلب عامل آخر، لأن هذه المكاتب تضمن للكفيل مهلة ثلاثة أشهر لاختبار العامل، فلماذا لا تطبق هيئة الصحة المتمثلة في الضمان مثل هذه المهلة، حتى لا يضطر الكفيل لدفع التأمين كلما ذهب عامل وجاء آخر في فترة قد لا يتم التمكن فيها من إنجاز معاملة الإقامة؟ مع العلم بأن هيئة الصحة تقدم على الدوام الكثير من الخدمات الملموسة والمتطورة على مستوى عالمي، ولكن يبدو أن هناك فجوة بين اشتراطات الضمان الصحي وضمان استمرارية العامل، إذ يتكبد الكفلاء أموالاً طائلة لاستقدام العمالة بشكل عام، ما يجعل الأمل يراود الكثيرين بأن تراجع هيئة الصحة اشتراطاتها المالية السريعة التي لا توفر للكفيل فرصة أن يتحقق من ثبات عمالته.

صادف أن ذهبت إلى الضمان الصحي لتخليص إجراءات تأمين المربية، وفور دخولي أخذت رقماً في انتظار دوري، وإذ بي أجد القاعة مملوءة، ما اضطرني للجلوس هكذا، متأملة بهو المكان والوجوه المتذمرة، وكأنني جالسة على مقعد بمحطة للنقل العام، كل ينتظر أن يتصدر رقمه الشاشة لكي ينهي معاملته، غير أن كل ما تصورته عن سرعة الإنجاز في العمل الإداري كان مجرد أحلام واهية، وهذا اليوم الذي استأذنت فيه من عملي لمدة ساعة، ولم أتمكن من الرجوع في وقت لاحق. مر الوقت مملاً، تمنيت لو أن كتاباً في يدي يسرق مني لحظات ضيق أوشكت أن تتلون بلون عباءتي. المثير للضحك أن سيدة كانت تجلس بجواري تحمل رقماً بعيداً ملت من متابعته، قامت وهي تهمس في أذن رفيقتها، فاسترقت السمع وهي تقول سأذهب لطهو طعام الغذاء وأنا واثقة بأن دوري لن يأتي حتى حين أعود، وقد فعلت، وجاءت تغازل لحظات الانتظار بعيون ساخرة! أما أنا فقد كانت فترة انتظاري تراوح بين الساعة التاسعة صباحاً والثانية والنصف بعد الظهر، ولو كنت أعلم أن وقتي سيضيع بهذا الشكل ما فكرت من الأساس في أن أستقدم مربية، ما دامت أوقات الناس ستهدر بهذا الشكل.

يا هيئة الصحة لماذا لا نفكر بطريقة حضارية مثل خدماتكم، كأن يخصص مكان «كافيه شوب» مثبت به شاشات تظهر أرقام العملاء لينتظروا دورهم بشكل آدمي، وليتسنى للعملاء احتساء القهوة، أو إنجاز أعمالهم من خلال الـ«لاب توب»، أو استثمار الوقت ولو بقراءة كتاب مفيد، من دون أن نسمع «حسبي الله ونعم الوكيل»!

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر