أقول لكم

محمد يوسف

في الدول العربية تحولت البرلمانات إلى بؤر فساد، وأصبح غالبية النواب، ولن أقول بعضهم، بل أغلبهم، وأؤكد عليها، أصبحوا يشكلون أقبح صور الانحراف عن خط النزاهة والصدق، ويعملون بناءً على دوافع ذاتية تحقق لهم مصالح مستهدفة، سواء كانت تلك المصالح شخصية، أي مرتبطة بذواتهم فقط، أو كانت مصالح للكتل البرلمانية والتحزبات التي يتبعونها، وظهرت أجيال من النواب لا تعمل من أجل مصالح المجتمع أو الوطن، بل تعيث فساداً في الأرض، فمنهم من استغل الحصانة البرلمانية للتهريب وغسل الأموال المشبوهة، ورعاية العصابات، واستخدام «الفتوات» لسلب حقوق الآخرين أو الاعتداء على حرماتهم، ومنهم من سرق الدولة التي ينتمي إليها ووثق به شعبها، فنهب الأراضي، وحول سكان المنطقة التي تقع فيها دائرته الانتخابية إلى مستوطنة عبيد، يسخرهم بأشكال متفاوتة، لخدمة أغراضه ومصالح من يحيطون به أو يتبعهم، وتضخمت عائلات النواب، وركبها الغرور والجشع، واستخدموا كل أنواع البطش ضد الناس، وتمادوا في غيهم، وتكونت مراكز قوى تبتز الحكومات، وتحتقر الشعوب التي تمثلها، وعطلت برامج التنمية، بأمر منهم تموت طموحات أوطانهم، حتى سمعنا عن الثلث المعطل الذي يمنع قرارات الدولة في الحكومة، ورأينا كيف تقدم الاستجوابات من وزراء لم يبدأوا عملهم بعد، كما عايشنا قضايا طرح الثقة في الحكومات، لمجرد رفضها تمرير بعض المناقصات والطلبات للنواب المحترمين، وتسابقت بعض الكتل الحزبية في بعض البلاد ضد مشروعات وطنية، لسبب واحد، هو أن كتلاً حزبية أو منتمية إلى تيارات أخرى هي التي تقدمت بها، وذاق الناس الأمرين، وأصبحوا مثل من وضعوا بين المطرقة والسندان، وزادت معاناتهم، بعد أن صدّقوا أن الديمقراطية الغربية يمكن أن تستنسخ في البلاد العربية، ووسط كل ما عايشوه من حالات إحباط ويأس تذكروا أنهم كانوا أحسن حالاً قبل البرلمانات ومجالس النواب، فقد كان الفساد محصوراً في بضعة أشخاص، ينكشف أمرهم سريعاً ويحاسبون، فأصبح الفساد مستشرياً بين فئات كثيرة، مستترة خلف «مسميات وطنية»، وغير قابلة للمحاسبة والمساءلة!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر