في الحدث

أبيي .. حرب الجنوب الجديد

جعفر محمد أحمد

دخول الجيش السوداني إلى منطقة أبيي وسيطرته عليها بعد الاشتباكات الأخيرة فتح جبهة جديدة من الصراع الشمالي الجنوبي، وزاد من التوترات بين الجانبين قبل أقل من شهرين من إعلان دولة جنوب السودان الجديدة في يوليو المقبل. هذا الصراع القبلي في المنطقة الغنية بمواردها الطبيعية والنفطية، والجدل السياسي بين شريكي الحكم قد يتحول بين ليلة وضحاها الى حرب فعلية بعد ان كانت كلامية بدأت بإعلان رئيس حكومة الجنوب سلفاكير مارديت ضم أبيي لدستور الدولة الوليدة، ورد الرئيس السوداني عمر البشير العنيف، متهماً الجنوب بعدم الرغبة في السلام بل يريد جر البلاد لحرب جنوب جديدة، ومشدداً بأن منطقة أبيي شمالية 100٪. هذا التلاسن والخلاف الجديد بين شريكي الحكم فتح الباب واسعاً أمام فصل جديد في استهداف السودان بدأ بإدانة الدول الغربية للخرطوم وانتهى بتنديد مجلس الأمن بخرق اتفاق السلام الموقع عام .2005

هذا التدخل الدولي السريع في مشكلة منطقة ابيي التي ستصبح بعد التاسع من يوليو المقبل جنوب السودان الجديد يؤشر لموقف غربي واضح ضد حكومة عمر البشير ومنحاز للجنوب والجبهة الشعبية، كما كان الحال منذ تفجر الصراع بين الشمال والجنوب مع بداية الثمانينات إذ ظل الغرب يدعم التمرد الجنوبي سياسياً وعسكرياً، سراً وعلانية، حتى فرض في النهاية الحل الذي يريده على الخرطوم تحت ستار اتفاقية نيفاشا التي أفضت اخيراً الى الاستفتاء الذي انتهى بانفصال الجنوب عن السودان ليصبح وسط دهشة العالم كله الدولة رقم 193 في الامم المتحدة. والتقطت اميركا الخيط لتتنصل من وعود وحوافز قدمتها للخرطوم، منها اتخاذ خطوات تدريجية لتطبيع العلاقات الدبلوماسية ورفع السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب وإبرام اتفاق دولي بشأن تخفيف الديون.

ما يحدث في أبيي في هذا التوقيت تحديداً، ربما يكون مخططاً غربياً وسيناريو جديداً هدفه استمرار محاصرة السودان وجعله في حالة حرب مستمرة، حتى يتم تفتيته وإغراقه في مستنقع التقسيمات العرقية لإحداث المزيد من الانفصال، غير أن الحكومة السودانية لم تقع في الفخ وسارعت بإعلانها الاستعداد للتفاوض والدخول في محادثات حول أبيي وصولاً لحل سلمي يتناسب مع الطرفين.

قرع طبول الحرب أو العودة الى مربع الحرب ليس في مصلحة الطرفين أو بالاحرى (البلدين) باعتبار ما سيكون، لأنها اذا عادت ستكون أسوأ مما كانت عليه فى السابق.

أبيي الآن مشكلة سودانية جديدة أشبه بقنبلة زمنية قابلة للتفجير يمسك بها الغرب ويستخدم الجنوبيين لإشعال فتيلها متى وكيف ما شاء لتنفيذ المرحلة الثانية من تفتيت السودان.

jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر