أقول لكم

محمد يوسف

البرلمان هو السلطة التشريعية، يدرس القوانين والأنظمة، يناقشها، يختلف أو يتفق عليها مع السلطة التنفيذية، ويوافق على ما يراه صالحاً للوطن الذي يمثله، إنه العين الثانية، أو بمفهوم آخر «الذراع اليسرى» لقيادة كل بلد، وعلى اليمين تكون الحكومة، هي العين الأولى، وهي تنفذ وتدير وتجتهد، وتصيب وتخطئ، والبرلمان يتابع ويصوب وقد يوجه في بعض الأحيان، وقد يحاسب في أحيان أخرى، بحسب ما اتفق عليه في كل بلد، ولهذا نسمع أسماء كثيرة للمجالس النيابية، هناك مجلس وطني، وهناك جمعية وطنية، وهناك مجلس شعب أو أمة، تتعدد الأسماء والهدف واحد، ولأنني أتحدث بمنطق البساطة لن أستخدم التعابير المحشوة بها كتب السياسة والمصطلحات، تلك نتركها للذين اختاروا أن يكونوا ناقلين لما يقوله الآخرون، ولمن يعجبهم تعقيد الأمور وتأزيمها لإضفاء هالات وهمية حول أنفسهم وداخل أفكارهم، لهذا أتحدث بمفهوم الناس جميعاً وليس «الصفوة» التي تضع نفسها فوق الناس، وأستكمل موضوع السلطة التشريعية وأصل إلى الهدف منها، وقد كان الهدف منذ الأزل، منذ أن اختارت «أثينا» و«روما» أن يكون هناك مجلس يمثل عامة الشعب، وحتى هذا اليوم، كان هدفاً واضحاً، وهو أن كل أفراد الشعب لا يمكن استشارتهم أو إشراكهم في التحاور حول التشريعات والقوانين والأنظمة التي تسيّر البلاد، فكانت فكرة اختيار من يمثلهم، عدد من الناس يمثلون شرائح المجتمع المختلفة يضعون الضوابط لإدارة شؤونهم، وفي البداية سميت مجالس الأعيان أو الوجهاء أو النبلاء أو الولاة، ثم تنقلت المهام وتداخلت الأسماء، وعندنا في الإسلام ظهر أهل «الحل والعقد»، الناس المشهود لهم بالعلم والحكمة وخدمة المجتمع، ومن يقرأ كتب التاريخ العربي والإسلامي سيجد شكلاً من أشكال المشاورة والمشاركة بالرأي موجوداً في كل زمان وحول كل الخلفاء والسلاطين والملوك، وأعتقد أن أغلبكم يتذكر «دار الندوة» في مكة قبل الإسلام، وفي عصرنا الحديث قد تكون الأسماء هي التي غابت، وكذلك قاعات الاجتماعات ومضابط الجلسات عن بعض التجارب، ولكن الشورى ومجالس أهل الحل والعقد لم تغب، ولا ننسى مجالس الحكام وأولي الأمر المفتوحة أو التي تشهد يومياً نقاشات وحوارات وطروحات لو سجلت لخجلت كثير من البرلمانات مما يدور فيها مقارنة بما يدور هناك، خصوصاً البرلمانات العربية التي تحتاج إلى نقاش طويل، لأننا وبمفهومنا الطبيعي والعادي نعرف أن البرلمانات لم تقم لتعيق تقدم المجتمعات.

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر