أقول لكم

محمد يوسف

نقف كثيراً عند التقليد الأعمى للديمقراطية، نضع خطوطاً حمراء وصفراء، ونتقدم خطوة وقد نتراجع خطوات، ربما لأننا نختلف عن الآخرين، ربما، ولكنّ هناك أسباباً أخرى نحسها ونعايشها، ويأتي على رأسها ما نراه من تجارب سبقتنا، وللأسف نقولها وبصراحة لقد صدمتنا، وجعلتنا نتردد كثيراً في المطالبة بخوضها، لأنها تجارب فاشلة، وقد تكون خاطئة، فما نعرفه من خلال ما درسناه وما تعلمناه أن الديمقراطية هي التي قادت دول الغرب نحو الحضارة والتقدم وتكوين النموذج الراقي للدول في العالم، وهي التي جعلت أوروبا وأميركا قوة مهيمنة اقتصادياً وثقافياً وعسكرياً، وجعلتها أيضاً تقنن كل شيء، وتحفظ حقوق كل الفئات، وتحمي المكتسبات، ونحن، وأقصد هنا الدول العربية ويمكن أن نضيف إليها دول العالم الثالث، أعادتنا الديمقراطية إلى الوراء، طبقنا بنودها ومفاهيمها وأصولها بشكل عكسي، أو كما قال أخ كويتي طبقناها بمفهوم «للخلف در»، وأكمل بحسرة حديثه حول ما آل إليه كثير من الأمور بسبب الديمقراطية المستنسخة شكلاً، والمتفردة مضموناً، قائلاً «إن الكويت في ستينات وسبعينات القرن الماضي كانت الأولى في كل شيء خليجياً، أما اليوم فالحال كما ترون دون حاجة للشرح»، وكان هذا الحوار قد دار قبل مهزلة الأسبوع قبل الماضي، يوم طارت «العُقل» وتكورت القبضات، وأثبت بعض النواب أنهم متأثرون بأفلام «الأكشن»، فطار من طار في الهواء، وسقط من سقط، ومحدثنا كان نائباً ذات يوم، وكان في حديثه يقارن بيننا وبين بلاده، ويعطي أمثلة على ما حدث من انتقال لم تشهده بلاد على مر العصور في ثلاثة عقود كما شهدته الإمارات، انتقال من اللاشيء بمفاهيم الحضارة إلى كل شيء بشهادة الجميع، وقد قلتها أكثر من مرة لإخواننا في الكويت، قلت لهم أنتم من أخرنا جميعاً في تطبيق النظام البرلماني، ليس في الإمارات فقط بل في دول الخليج الأخرى، قياداتنا مطلعة على النتائج، وكذلك شعوبنا، فإذا تكلمت عما يخصنا في الإمارات، أستطيع أن أنقل ما يردده الناس ببساطتهم وعفويتهم وفهمهم لمتطلبات الحياة والعيش الكريم، إنهم يتحدثون عن قيادة وفرت لهم كل ذلك قبل أن يطلبوا، وقبل أن تتراكم طوابير الانتظار، وصلهم الخير دون منة أو ابتزاز من نائب، أو متاجرة من كتلة تبحث عن مصالحها، وفي كل يوم يشاهد مواطن الإمارات إنجازاً أمامه، فلماذا يضيع كل ذلك عبر تجارب فشلت أو أفشلت وتسببت في الذهاب إلى الوراء؟

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر