أقول لكم

محمد يوسف

نحن معجبون بالسيدة الفاضلة هيلاري كلينتون، عفواً، سامحوني، لا يحق لي الحديث نيابة عنكم، وتحميلكم وزر مشاعري، فأنا شخصياً معجب بالسيدة كلينتون، منذ أن كانت ربة البيت الأبيض، حرم الرئيس «بيل» ورفيقة دربه، في تلك الأيام التي أعطتنا درساً في الصلابة وقوة الشخصية، وعلمتنا كيف تحافظ المرأة العاقلة على حقوقها وتستعيد ما سلب منها، أيام «مونيكا» إن كنتم تذكرون، وتلك الحكايات التي يندى لها الجبين، ولا أجد نفسي مضطراً لسردها، حياءً، وربما خوفاً من محاسبة القوانين، ولكن لا يضر التلميح عندما يحظر التصريح، فقد تعرضت السيدة هيلاري إلى أكبر عدوان يمكن أن يمر بامرأة، مملكتها الصغيرة تكاد تقتطع، شيء منها يسلب، والعالم يضج، فالقوانين الكونية تنتهك، وحقها ينتزع، وهي مشغولة بمتطلبات المكانة والعلاقة، تنظم وتدير أمور القصر وتتابع أحوال الرعية، والكل يبحث عنها، في خضم تلك المعمعة كان الكل يسأل عن السيدة الأولى، عن أحوالها، وعن تحملها للصدمة، «بيل» لها، في السراء والضراء، في الغنى والفقر، في سدة الحكم أو خارجها، و«مونيكا» غاصبة، معتدية، تأخذ ما لا يحق لها، فماذا تفعل؟ تغضب وتذهب إلى بيت أهلها مع ابنتها؟ تطلب الطلاق كما تفعل كل النساء؟ تخرج إلى وسائل الإعلام وتعلن تنازلها عن «بيل» أو شيء منه؟! دارت الأسئلة في رأسها بعد أن دارت بها الدنيا، فتماسكت، وقررت المطالبة بكل حقها في ما تملك، قالت إنها الأحق لأنها تملك الشرعية، وانتصرت.

تذكرت السيدة هيلاري كلينتون الأولى وأنا أشاهدها تتحدث في مؤتمر صحافي مع وزير خارجية بريطانيا، فهي لاتزال كما هي، صلبة، قوية، ورمز للمرأة الطموح، رأيتها يوم الأول من أمس وزيرة للخارجية، تتحدث بلسان السياسة، ومع ذلك قفزت صورتها التي ارتسمت في ذهني من قبل، أيام «مونيكا»، وصورتها التي أمامي، عندما سمعتها تتحدث عن متغيرات ديموغرافية يجب مراعاتها عند تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، والمتغيرات الديموغرافية تعني أن الغاصب الذي بنى مستوطنات على الأراضي المحتلة يحق له الاحتفاظ بتلك الأراضي، وكان لابد لي أن أستغرب، لأنني معجب بالسيدة هيلاري، استغربت، فهي هنا تكافئ الغاصب المعتدي، تمنحه حقاً لا يملكه، بل هي لا تملكه، فنحن لم نسمع يوماً أن السيدة الفاضلة وقعت عقوداً أو عهوداً مع الشعب الفلسطيني تمنحها حق التنازل عن أراضيه، فهذه أرض فلسطين وليست ......!!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر