أقول لكم

محمد يوسف

تنعقد منتديات وملتقيات إعلامية عربية كثيرة، وتتكرر كل سنة في الدول المضيفة، نحضر بعضها ونعتذر عن البعض الآخر، ربما لأن ذلك البعض يُقام فقط من أجل أن يُقال إن فلاناً أو الجهة الفلانية نظمت واستقبلت، ونأسف للوقت والجهد اللذين ضاعا في مشقة سفر ورسميات من دون فائدة من منتديات تنسخ نفسها ولا تعرف ماذا تطرح أو تناقش، ويبقى منتدى دبي للإعلام العربي «أبوالمنتديات»، متجدداً في طرحه، ولا يخجل من مناقشة الواقع بشفافية كل الإعلاميين العرب عندما يتخلصون من الرقابة والرتابة، عندما يكونون أحراراً لثلاثة أو أربعة أيام في السنة.

هنا في دبي تجمّع الأسبوع الماضي عدد غير محدود من الإعلاميين العرب، وضيوف رسميون مدعوون من إدارة المنتدى، ومشاركون من الداخل يحرصون على الوجود في جلسات النقاش بالقاعات، وطلاب من الجامعات منبهرون بنجوم الشاشات والكتّاب، يتقربون منهم في بهو الفندق وكأنهم يتبركون بهم، ومهتمون بالواقع العربي يبذلون المال من أجل أن يوجدوا في المنتدى، غص بهم «غراند حياة»، رغم رحابته واتساع قاعاته وساحاته، تتحرك تشكيلات الكراسي في جنباته بحسب أعداد مجموعات كل جلسة جانبية بعد البرنامج الرسمي، إلى ما بعد منتصف الليل تسمع الحوارات الدائرة ويتردد صداها، وكل يدلي بدلوه، هؤلاء يغرفون من بئر تونس، وما آلت إليه أمور التحرك الشعبي الأول على الساحة العربية، وأولئك يهمهم أمر مصر، أم الدنيا، وحيث لابد أن يكون في كل تجمع صحافي أو مقدم برامج حوارية أو باحث من مركز دراسات، من لفحته رياح التغيير يشرح، ومن لم تمر به بعد يحلل، ومن لا يعرف عنها شيئاً لأنه في منأى عنها يعدد الأسباب والمسببات التي أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، وشباب مصر كانوا نجوماً في المنتدى، وكذلك المنتمون إلى ثورة ليبيا ومجلسها الانتقالي، ولا أخفي عليكم أن هؤلاء كانوا نجوم تلك الجلسات، بينما «أساطين» الصحافة والإعلام، الكبار الذين عرفناهم دوماً في مقدمة المتحدثين والمنظرين، أقول لكم، لقد كان الكبار في هذا المنتدى متفرجين، يستمعون أكثر مما يتكلمون، وهذا حدث غير مسبوق، هو انعكاس للحالة العربية العامة، وقد أعجبني أحدهم عندما قال «ليس عيباً أن نستمع إلى من هم أصغر منا سناً وخبرة، فنحن نعيش أيامهم، وعلينا أن نفهمهم».

ورغم ذلك، وأيضاً لن أخفي عليكم شيئاً، لقد كان الكل حائراً لا يعرف إلى أين تأخذه الرياح، من نجحوا تائهون، ومن لايزالون يحاولون ضائعون، ومن يحلمون خائفون من أحلامهم، وليس هناك من يشعر بالطمأنينة سوى الذين تصالحوا مع أنفسهم منذ زمن بعيد، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر