في الحدث

نعم للمصالحة.. لا للانقسام

جعفر محمد أحمد

اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية الذي وقع في العاصمة المصرية القاهرة قبل أيام عدة بين «فتح» و«حماس» شكّل فرصة للحركتين للدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود عام ،1967 أي إلى جانب إسرائيل التي انتقدت بشدة هذا التقارب الفلسطيني، الذي جمع بين الرئيس محمود عباس (أبومازن) ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل، بعد أربع سنوات من الخلاف والعداء، ليؤكدا أمام العالم إنهاء الانقسام الفلسطيني، في خطوة أفرحت الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، وأغضبت إسرائيل التي توعدت وهددت بوقف «قطار السلام»، كما جاء على لسان رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، ما جعلنا نتساءل: عن أي قطار وعن أي سلام يتحدث؟ هل هو قطار الموت والدمار أم سلام القوة والطغيان؟ هذا الموقف العدائي الإسرائيلي تجاه المصالحة خير دليل على أن الاخوة الفلسطينيين قد وضعوا أيديهم على الجرح، وأداروا ظهرهم للشقاق الذي أعطى الاحتلال المبررات للعدوان واغتصاب مزيد من الأرض والحقوق.

مفاجأة المصالحة كان لها وقع الصاعقة على اسرائيل، فسارعت إلى الامتناع عن سداد استحقاقات السلطة الفلسطينية من عوائد الجمارك التي تحصلها عند المنافذ والمعابر، وضغطت على الأميركيين لوقف المعونات، ولوحت بترجمة موقفها الرافض لإنهاء الانقسام الفلسطيني بإجراءات وخطوات خطيرة، من بينها الشروع في بناء المئات من الوحدات الاستيطانية في القدس، لعرقلة تحقيق الهدف الفلسطيني الوطني، وهو إقامة دولة مستقلة ذات سيادة على أرض الضفة والقطاع، عاصمتها القدس الشريف، من دون تنازل عن شبر واحد أو عن حق عودة اللاجئين. هذا الهدف يتطلب من الفلسطينيين الجمع بين المقاومة والتحرك الدبلوماسي، لانتزاع قرارات ومواقف دولية لمصلحة قضيتهم وحقهم المشروع في الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 الذي سيطرحه عباس أمام الامم المتحدة في سبتمبر المقبل، خصوصاً أن أكثر من 130 دولة تؤيد قيام الدولة المستقلة.

صحيح أن المتغيرات الإقليمية والدولية الاخيرة شجعت الأطراف الفلسطينية على مراجعة مواقفها، وما حدث في تونس ومصر، ويحدث حالياً في سورية واليمن من انتفاضات شعبية، غير موازين القوى الداخلية، ولا ننس تظاهرات الشباب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية منتصف مارس الماضي، التي اتهمت كلاً من «فتح» و«حماس» بالتلكؤ في تحقيق المصالحة، وهتفت بشعار «الشعب يريد إنهاء الانقسام»، وهو ما تحقق الآن. شواهد عديدة تبشر بأن المصالحة يمكن أن تؤتي ثمارها، عربياً وفلسطينياً، خصوصاً بعد أن اكتشفت «حماس» و«فتح» أن أياً منهما لن يستطيع أن يقدم حلاً منفرداً، وأن كليهما يواجه عدواً واحداً يتربص بكل منهما.

اتفاق المصالحة هو بلاشك إنجاز مهم في الاتجاه الصحيح لتكريس الوحدة، ونهاية حقبة سوداء من الانقسام الفلسطيني، وإنجاحه يتطلب من جميع الفصائل الدعم ومواجهة الاستحقاقات المقبلة بكل ثقة وثبات، وتوظيف المناخ الجديد من أجل استرجاع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني كافة.

gaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر