أبواب

أقوى « بي آر » في العالم

سالم حميد

عندما أعلنت الولايات المتحدة استقلالها في عام ،1776 استبقت المغرب جميع دول العالم وأعلنت اعترافها بالولايات المتحدة عام ،1777 لكن ذلك الاعتراف لم يحمِ أميركا من القرصنة البحرية التي كانت تتعرض لها سفنها في البحر الأبيض المتوسط من قبل دول الشمال الإفريقي، إذ دأبت تلك الدول على توجيه الضربات وسلب السفن الأوروبية على وجه الخصوص منذ بدايات القرن الـ،17 ثم السفن الأميركية في القرن الـ،18 وكانت الولايات المتحدة عاجزة عسكرياً عن الدفاع عن سفنها لعدم امتلاكها البوارج الحربية القادرة على مواجهة بوارج دول الشمال الإفريقي، وفضلت دفع الأتاوات بشكل مهين نظير عدم مهاجمة سفنها، وفي عام 1785 أرسلت الولايات المتحدة أول مبعوث « توماس جيفرسون » للتفاوض مع حاكم طرابلس عبدالرحمن باشا، وطلب الأخير مليون دولار مقابل السلام، وأمام الوضع المخزي الذي تعرضت له الولايات المتحدة أمام دول الشمال الإفريقي قررت في عام 1794 بناء البوارج الحربية لحماية سفنها التجارية، مع العلم أن الأتاوات التي كانت تدفعها أميركا لدول الشمال الإفريقي تشكل 20٪ من خزينتها في ذلك الحين.

كانت المغرب أول دولة تعترف بالولايات المتحدة، بينما كانت ليبيا أول دولة في العالم تعلن الحرب رسمياً على الولايات المتحدة بعد الاستقلال، وذلك في 14 مايو ،1801 وبالفعل اندلعت المعارك البحرية بين الدولتين في مياه البحر المتوسط، وتكبد كلا الفريقين الخسائر الجسيمة، وفي عام 1803 استولت ليبيا على الباخرة الأميركية « فيلادلفيا » وطاقمها المكون من 305 بحارة، لكن أميركا استطاعت حرمان ليبيا من تلك الغنيمة وحرق الباخرة في ميناء طرابلس عام ،1804 بعد أن تعرضت طرابلس للقصف الأميركي للمرة الأولى، وفي عام 1805 وقع كلا البلدين اتفاق سلام، وافتتحت أول قنصلية أميركية في طرابلس في العام نفسه، لكن بعد إعلان بريطانيا الحرب على الولايات المتحدة عام 1812 عاودت ليبيا وبقية دول الشمال الإفريقي مهاجمة السفن الأميركية، الأمر الذي دفع أميركا لإرسال أساطيلها من جديد عام ،1815 وانتهت الحرب بانتصارها، وألفوا أغنية تحت عنوان « إلى سواحل طرابلس »، حتى السفينة « فيلادلفيا » أعيد انتشالها من البحر، وتم إرسالها إلى أميركا عام .1871

بعد مرور 110 أعوام على انتهاء الحرب الليبية ـ الأميركية، الطائرات الأميركية تقصف طائرتين حربيتين ليبيتين في خليج سدرة عام ،1981 بعد إصدار معمر القذافي أوامره بإحراق السفارة الأميركية في طرابلس، وإعلان دعمه إيران، ثم استفزاز الأسطول الأميركي، الأمر الذي انتهى بتدمير طائرتين ليبيتين، حينها قال ريغان عن القذافي: « إنه ليس بربرياً فقط ، بل غريب الأطوار أيضاً ». وفي عام 1986 تعرضت ليبيا للقصف الأميركي رداً على هجوم ليبي تعرض له جنود أميركيون في ملهى ليلي في برلين، لكن القذافي لم يرتدع وفجر طائرة مدنية أميركية ( بان آم ) فوق مدينة لوكربي الأسكتلندية عام .1988

عام 2011 قوات « الناتو » تقتل نجل القذافي « سيف العرب » وثلاثة من أحفاده، الأمر الذي كاد يثير الرأي العام الغربي لولا خبر مقتل بن لادن. بصراحة، تستحق الولايات المتحدة لقب أقوى « بي آر » في العالم.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر