5 دقائق

ميره القاسم

لم تزل عقول بعض الرجال صدئة يركبها العنت ويوجهها الاستعلاء، حتى ونحن في عصر العلم الذي أتاح للمرأة أن تبرز جماليات عقلها وتخرج مكنونات إبداعاتها في كل مجال، وقد أثبتت المرأة أنها ند قوي للرجل وقادرة بشكل أو بآخر على القيام بأدواره، وعلى الرغم من كل هذا لم يصبها الغرور ولم تطمح إلى سحقه بل ظلت نظرتها للحياة متوازنة، فهي ترى أن الرجل له كامل قوامته عليها ويجب احترامه وتقديره والامتثال له وطاعته في كل كبيرة وصغيرة لأن صُوره تتعدد ما بين الأب والأخ والزوج، وما إلى ذلك، هذه الرؤية التي تبنتها المرأة ليست أبداً عن ضعف، بل عن قوة وذكاء وفطنة وإحقاق للشرع والدين والعرف والقواعد الاجتماعية، والتاريخ حدثنا عن نساء عربيات برعن في اتجاهات عدة لكنها لم تسلم من الحقد والحسد والطمع والأمراض التي لم تزل تعشش في ضمائر بعض الرجال.. وفي مجتمعنا الإماراتي لم تكن المرأة قبل ظهور النفط ساكنة أو مهملة أو فائضة عن الحاجة ولم تنتظر دعوات التحرير، لأنها كانت حرة تقوم بمهمات اجتماعية واقتصادية وغيرها.. فمنهن الشاعرة، والواعظة والراوية، والطبيبة التي تعالج بأعشابها ووصفاتها، ولنا في ذلك الأمر أسوة حسنة في أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة التي جسدت النموذج المثالي للمرأة العربية الناضجة الحكيمة المفكرة العاقلة النبيلة فقد أرست قواعد العدل والحرية، ودعت إلى تثقيف المرأة ومنحها فرصاً كافية للحصول على أعلى الشهادات ومن ثم المشاركة الفعالة في التنمية وتشجيعها على القيادة والدخول إلى معترك الحياة السياسية ما أعطى الثقة لها في أن تحاول اكتشاف ذاتها والتقاط خيوط النور حتى تشكل وعيها وتخوض معركة الحرية وهي على أرض ثابتة، وأنا شخصياً « كاتبة هذا المقال » أعد نفسي واحدة من النساء العربيات اللواتي تأثرن بشكل واضح بأفكار أمنا الشيخة فاطمة، حفظها الله، فمارستُ الكتابة الصحافية بشكل واسع وأبديت رأيي بكل حرية في ما يدور من أحداث في الأدب والسياسة وأغلب القضايا الاجتماعية ذات البعد التنويري، غير عابئة بهمسات المتهكمين الذين يدعون أمام الناس تمدنهم وإيمانهم بحرية المرأة، وفي الخفاء يخرجون ألسنتهم ويمدونها خارج الحلوق ويتلفظون بما يوجب العقاب في الدنيا والآخرة، وعلى الرغم من ذلك فإنني سأظل أمضي في طريقي أطرح آرائي وأشارك إخواني هنا، وفي كل الأقطار العربية، الأفكار، بما يمليه عليّ ضميري وبما تقتضيه الأمانة الفكرية. قديماً قالوا « عِشْ رجباً ترَ عجباً »، لكن يبدو في موضوع المرأة بالذات لا حاجة لانتظار رجب أو شهر بعينه، فالذين لا يؤمنون بدور المرأة في الحياة الاجتماعية لا يوفرون مناسبة إلا ويرفعون عقيرتهم بالصراخ طالبين منها العودة إلى المنزل.

وإذا أردنا أن نقدم توصيفاً لدور المرأة بمفاهيم العصر سنقول إنها كانت أماً رائعة، ومزارعة، وتاجرة، ومصلحة اجتماعية، وخياطة ومعلمة وأكثر، كل ما حدث أن مسمى العمل وشكله تغيّرا، أما مضمونه فهو نفسه الذي كانت تقوم به في السابق، فلماذا كان صالحاً في الماضي وبات مشكلة في الحاضر؟!

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر