أقول لكم

محمد يوسف

يقابل الجميل بالجميل، والأرض الطيبة تنبت وفاءً، مثل الشجرة الطيبة التي ذكرها الحق تبارك وتعالى في محكم تنزيله أصلها ثابت وفرعها في السماء، هكذا هي، ولكن بعض الثمر يتساقط قبل أن يستوي، فتأخذه الأرض بين جنباتها أو يجرفه الماء بعيداً، وقد يفسد البعض الآخر من الثمار وهو لايزال يتدلى من الشجرة الطيبة، أما الأغلب من الثمر والخير فينضج، ويكون العطاء الدائم للأرض التي احتضنت، ولليد التي روّت، وللعرق الذي اختلط بالجذور، كل يأكل من عطايا الجهد الذي بذل، والحب الذي نشر، حتى الظل يكون جزاء من تعبوا عندما يستريحون.

الوطن أمة، والأمة شجرة، والشجرة حياة، ومخطئ من يسد مجرى الحياة أمام مستقبله وحلم أطفاله، كلنا شركاء في هذه المنظومة التي توزع الأدوار وتقسم المهام، منظومة الأرض التي منها ننبت وننمو ونثمر، مخطئ من يظن أن الخروج عن الصف يعني التميز، لا، بل هو الانحراف والشذوذ، والانفراد بعزف لحن نشاز تكرهه الأذن وتمقته النفس، إنه شيء بعيد جداً عن الرأي ووجهة النظر وحق التعبير، ولا أظن أن بيننا من يمكن أن يعتقد في يوم من الأيام أن كل البشر متساوون في التفكير أو الفهم أو الحديث أو الإقناع والطرح، الإخوة يختلفون في طرق التعبير، والأبناء يتنافرون في المواقف، والجيران متصادمون على أتفه الأمور، في البيت اختلاف، وفي المدرسة اختلاف، وفي أماكن العمل اختلاف، رؤية تخالف رؤية، ومنطق يخالف منطق، هذه سنّة الحياة، ولكن، هناك خطوط يقف عندها الجميع، خطوط لا يتجاوزها أحد، وخطوط لا يقفز عليها أحد، وخطوط غير مسموح بأن يقلل احترامها أحد، ومن يخرج عنها ليس مميزاً، لأنه يتعدى على عقد اجتماعي استقر عليه الوطن، والوطن لا يتسامح مع من يحاولون العبث بمقدراته. إنه ــ أي الوطن ــ أكبر من الأفراد، وأهم من المجموعات، لأنه هو الدائم، وهم زائلون، وفي وطن مثل وطننا يكون انحراف فرد أو حفنة من الأفراد مستغرباً، بل أمراً صادماً للناس، ليس لأننا منزّهون عن الخطأ، بل لأننا تربّينا على حفظ الجميل، وتعلّمنا على يد زايد كيف يكون البذل دون منّة، والإخلاص دون تردد، والوفاء متى حان وقت الأداء، وتعلّمنا من خليفة وإخوانه أن الحاكم هو الذي يتلمس حاجات الناس ويقضيها قبل أن تطلب، وحتى قبل أن يستشعرها الناس.

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر