أبواب

التسويق الرخيص

سالم حميد

من إيجابيات التسويق عبر الهاتف، بالنسبة للشركات التجارية طبعاً، إمكانية الترويج للسلع والخدمات عبر الهاتف المحمول بين التجار والمستهلكين، عبر الرسائل النصية، وبالتالي تساعد تلك الخدمة الشركات على تسويق سلعها وخدماتها، ولو بالقوة، فليس الجميع راغباً في استقبال هذا الكم المزعج من «المسجات» التجارية التي تفرض زياراتها علينا من دون دعوة. أما شركتا الاتصالات، فتحققان المكاسب المربحة على حسابنا نحن، ولا تستأذننا قبل أن تقوم بإزعاجنا، بل من المفترض أن يكون لنا نصيب من تلك الأرباح التي تحققها، أو مقابل ما، لقاء استقبالنا «المسجات» التجارية غير المرغوب فيها.

هذا بالنسبة «للمسجات»، التي يمكن تجاهلها وحذفها مباشرة بمجرد طرقها لباب الهاتف، ولكن الأسوأ استقبال مكالمات تسويقية مزعجة بصورة يومية، خصوصاً تلك الآتية من البنوك. وشخصياً تلقيت مكالمات مزعجة من معظم البنوك العاملة في الدولة، وهذا الأمر بالتأكيد يعانيه الجميع، ومهما تطلب منهم التوقف عن الإزعاج، فإنها لا تجدي نفعاً مع هؤلاء. والأغرب أن تتلقى مكالمات من البنك نفسه ولكن من موظف آخر بمجرد إغلاقك السماعة مع زميل له سبقه في الاتصال، ما يدل على أن قائمة اسماء «الضحايا» الذين يتعرضون للإزعاج متوافرة لدى جميع مسوقي الهاتف في ذلك البنك. كما يعمل هؤلاء المسوقون على تبادل القوائم مع زملائهم الذين يعملون في البنوك الأخرى. وليس من المستغرب أن تتعاون البنوك معاً في تبادل القوائم، هذا بالإضافة إلى قوائم يتم تصنيفها حسب مكانة «الضحية»، يتم شراؤها من شركات متخصصة في انتقاء بيانات الأشخاص وبيعها للبنوك وبقية الشركات العاجزة مادياً عن الترويج لسلعها باستخدام وسائل إعلان أكثر احترافية وأرقى، بدلاً من هذا الأسلوب غير اللائق والشبيه بالبائع الذي يصرخ في وجوه المارة في السوق للترويج لبضاعته الكاسدة، فالبضاعة الناجحة ليست بحاجة إلى إزعاج المستهلك لترغيبه بالقوة في شرائها.

تلقيت اتصالاً مزعجاً كالعادة، وبعد التحية ذكر المتصل أنه من البنك الفلاني الإسلامي، ثم سألني «هل سمعت عن قرار المصرف المركزي حول نظام القروض الشخصية، الذي سيتم تطبيقه مطلع شهر مايو المقبل؟»، أجبته «نعم، سمعت عنه، وخيراً فعل المصرف بوضع حد أقصى للقرض لا يزيد على 20 ضعف الراتب». فقال «نحن على استعداد لإعطائك قرضاً بقيمة ثلاثة ملايين درهم، وإذا كنت مرتبطاً بقرض معين مع أي بنك آخر، مهما بلغت قيمته، فنحن على استعداد لشرائه مع إعطائك قرضاً آخر ضخماً، وأرجو أن تستعجل الأمر لأن هذا العرض سارٍ حتى نهاية الشهر الجاري، قبل تطبيق قرار المصرف المركزي، مع العلم أن جميع تعاملاتنا المصرفية حلال إن شاء الله». أجبته «ما شاء الله، جميع تعاملاتكم حلال، بارك الله فيك وجزاك الله خيراً على بحثك المضني من أجل اصطياد أكبر عدد ممكن من المستهترين في هذا الوقت الضائع، لتورطهم بمبالغ خيالية وتجعلهم تحت رحمتك، وتقول لي حلال! لا يا شيخ، أنا مرتاح مع بنكي».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر