5 دقائق

«الرياييل» يكذبون في الليل

ميره القاسم

أضحكتني كثيراً تلك النتيجة التي خرجت بها دراسة أميركية حول الكذب، وهي أن الرجل يكثر كذبه في الصباح، وأن المرأة تزيد ثرثرتها وكذبها في الليل، وأن اختلاف الجنسين من ذكر وأنثى يدعو إلى اختلاف توقيت الكذب بينهما.

الدراسة التي أجراها عدد من العلماء الأميركيين بجامعة كاليفورنيا حول الأسباب التي تجعل الرجال والنساء يكذبون في أوقات محددة من الليل والنهار، افترضت أن هناك أوقاتاً محددة تحلو فيها ممارسة هواية الكذب، ثم تكرمت بالبحث عن العوامل النفسية والجسدية التي تدعو إلى ذلك.

وكعادتي بدأت أشكك، وأخذت أقلب الأمر على وجوهه الظاهرة والخفية، وبدا لي الموضوع كله لا يخلو من طرافة، واسترجعت مواقف كنت فيها شاهدة على أنواع من الكذب، وأشد ما فاجأني أن تجربتي الشخصية تتناقض مع الدراسة، بل أكاد أجزم أن هؤلاء العلماء اختلط عليهم الأمر، لأننا نعلم جميعاً أن الرجل لا يمارس الكذب إلا مساءً، وذلك تبعاً لظروفه «الزوجية»، ولأسباب تعد على أصابع اليدين، مثل وجود امرأة أخرى في حياته لا يستطيع رؤيتها إلا مساء، أي بعد الانتهاء من وظيفته «وإن كان من الممكن استثناء البعض ممن يمكنهم التزويغ من الوظيفة لمثل هذه الغاية»، وللرجال في هذا حيل ومذاهب، منهم من يستعين بخالته التي يضطر فجأة للذهاب إليها عقب الدوام لأنها مريضة، ومنهم من صادفه صديق عند زاوية الشارع، وحلف عليه يميناً للخروج إلى الـ«كوفي شوب» وبعدها قضاء أمسية «مع الرياييل»، وكلها تصب في الحديث عن العمل ومخططات في البزنس! أونه يعني، وحين عودته تعمل المرأة كأنها «كلب بوليسي»، تتقصى بقعة كحل أو ملوّن شفاه على ثيابه، وتحديداً على الكم والكتف بحجة غسيل الملابس!

إذاً الأكاذيب يمارسها الرجل دون شك عند المساء ساعة قدومه، والتي يترقبها بمقت وحذر وتدبير لنوع وحجم الكذبة، فيما المرأة يحلو لها الكذب صباحاً حين تبدأ نهارها: «حياتي بسير أزور صديقتي في المستشفى»، وهي «سايره» عند قارئة الفنجان تشوف «ريلها يخونها وإلاّ لا»!

ولكن السؤال الأهم: من الذي يفلت من عقاب الكذب أكثر، الرجل أم المرأة؟

على ذمة دراسة أخرى أنه إذا كذب الرجل فإن ألف امرأة ستصدقه، وإذا كذبت المرأة فلن تجد من يصدقها، وأن الرجال يتفوقون في الكذب والخداع والتظاهر بغير الحقيقة على النساء، بينما يتفوق الجنس اللطيف على الخشن في كشف المشاعر ومعرفة إذا كان ما ينطق به شريكها صحيح أم لا من خلال تعابير وجهه.

وهذا بدوره يعيدنا لسؤال آخر: إذا كانت المرأة قادرة أكثر من الرجل على كشف الكذب سواء تم صباحاً او مساء، من خلال قراءة تعابير وجهه ونظرات عينيه، فإن هذا يعني أنها متمرسة في هذا الفن، كونها قادرة على التحكم بتعابيرها هي، إذ تدرك تماماً أن اهتزاز تلك العضلة وتقلص العينين وبلع الريق دلائل قادرة على فضح أكاذيبه.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر