في الحدث

أريغوني.. من قبض الثمن؟

جعفر محمد أحمد

الجريمة المروعة المتمثلة بقتل ناشط السلام الإيطالي المؤيد للفلسطينيين، فيتوريو أريغوني، على يد جماعة سلفية في غزة قبل أيام، هي بلا شك مدانة إنسانياً وأخلاقياً وسياسياً، فهي جريمة مزدوجة بدأت بالاختطاف وانتهت بالاغتيال لشخص بريء لا ذنب له سوى أنه اختار أن يكون نصيراً للقضية، وأحد المدافعين عن حرية واستقلال الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة على أرضه، تاركاً أهله ووطنه، مفضلاً العيش بين المحاصرين في القطاع ليقاسمهم مرارة الحرمان، ويعيش آلامهم ومعاناتهم عن قرب، كأنه فرد منهم رغم اختلاف الوجه واللسان، حتى اغتالته يد الغدر والخيانة، وللأسف بأيدٍ فلسطينية، أقل ما يمكن أن نصف فعلتها الشنيعة بالخيانة العظمى، حتى لو كانت تحت ذريعة تصفية حسابات مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

أريغوني، الصحافي والعضو في حركة التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني، الذي وصل إلى غزة للمرة الأولى في 23 أغسطس عام ،2008 في أول قافلة قوارب لكسر الحصار، وقرر البقاء في القطاع، كان وجهاً مألوفاً في غزة، أحب الصيادين والمزارعين بلا حدود، فأحبوه وبادلوه ودّاً بودّ، شاركهم في المسيرات المناهضة لقوات الاحتلال، وبرز دوره في العدوان الإسرائيلي على غزة نهاية عام 2008 ومطلع ،2009 حيث كان يرافق سيارات الإسعاف.

كانت غزة ميدانه الرحب ليمارس قناعاته في العالمية والإنسانية والحرية، وكان عاشقاً ومحباً للقطاع، لن نقول له إن «من الحب ما قتل»، لكن نتساءل: من قتلك أيها الضيف الغريب؟ ولمصلحة من؟ ومن قبض الثمن؟ وأي ثمن يوازي حياتك الغالية؟

لاشك في أن دور الكيان الصهيوني في الجريمة كان حاضراً ولم يغب عن المشهد، فقد هدد وتوعد من قبل كل ذي ضمير حي يجيء إلى هذه الأرض بأنه لن يكون في مأمن من القتل بأي وسيلة كانت، فإن كانت الناشطة الأميركية، راشيل كوري، قد اغتيلت دهسـاً بجرافة عسكرية إسرائيلية، فها هو الناشط الإيطالي أريغوني يقتل، لكن بأيد فلسطينية، أعمى الجهل بصيرتها لتصبح أداة للفتنة والنيل من القضية.

إن المستفيد الوحيد من هذه الجريمة هو الاحتلال الإسرائيلي، الذي يكرر قادته التهديد يوماً بعد يوم، بمنع حركة التضامن الدولية من الاستمرار في محاولات كسر الحصار الظالم وغير القانوني، على مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة، الحادثة النكراء أكبر من مجرد اغتيال، إنها إجرام بحق كل الشعب الفلسطيني وصموده.

jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر