أبواب

ما الـ «زعطوط»؟!

سالم حميد

تطلق مفردة «زعطوط» في الدارجة المحلية، على الشخص البالغ الذي يتصرف كطفل، وتصدر عنه سلوكيات غير مقبولة.

صحافية أوروبية من إحدى الصحف الأوروبية في مقابلة معي حول الحركة الثقافية في الإمارات سألتني منذ فترة بسيطة إذا كنت معارضاً إماراتياً! صمتّ قليلاً وأنا مستغرب سؤالها، كون المقابلة حول الثقافة فقط، ثم سألتها «وما الذي يجعلك تظنين أنني معارض لبلادي؟!»، فقالت إن بعض مقالاتي تدل على ذلك، حسب ما سمعت هي، وأضافت أنها تودّ أن تسجل بعض الانتقادات على لساني في تلك المقابلة، فابتسمت لها، وربتّ على كتفها، وقلت لها: «سيدتي، نعم، صدر عن قلمي بعض الانتقادات، لكنها من باب الغيرة على وطني لإصلاح خلل ما فقط، وليس بقصد التهجم أو المعارضة، كما تتخيلين، كما أرجو أن تعلمي أن تلك المقالات التي تقولين عنها معارضة، تصدر في جريدة إماراتية مملوكة للحكومة، وليست خاصة لها أجندة معينة، ولكن إذا سمعتِ عني أنني كتبت مقالة سلبية عن بلادي في مطبوعة أجنبية، أو التصريح لوسيلة إعلام أجنبية بكلام مخزٍ، فيه تحريض وإساءة لحكومة بلادي ورموزها، دون أدنى مراعاة لمشاعر بقية المواطنين، حينها تستطيعين القول عني إنني معارض. آسف، لن تحصلي مني على أي كلام مسيء إلى بلادي، لأن مشكلاتي الداخلية أحلّها داخلياً في بلادي من دون الحاجة إلى إقحامك».

لا يوجد مجتمع على وجه الأرض خالٍ من المشكلات، لكن مشكلاتنا الداخلية يجب أن تُحل داخلياً فقط، من دون إقحام الآخرين، ونحن لا نعاني نقصاً في وسائل إعلامنا المرئي والمسموع والمقروء، لكي يتوجه بعض «الزعاطيط» (جمع زعطوط) إلى وسائل إعلام أجنبية للتطاول على بلاده الإمارات، التي من خيرها يتقاضى أفضل الرواتب على مستوى العالم، وأفضل المساكن، والمستوى المعيشي المريح بشكل عام، الذي أتحدى أن يأتي بمثيل له في أي مكان في العالم.

ربما من لم يغادر بلاده كثيراً، يصعب عليه أن يشعر بهذا الإحساس، لكن من يزر الكثير من البلدان يسهل عليه الشعور بهذا الفرق. صحيح، لدينا مشكلات، ولكن إذا قورنت تلك المشكلات مع مشكلات بلدان أخرى قريبة أو بعيدة لهانت عليك مشكلتك، ولكن يصعب على «الزعطوط» أن يفهم ذلك، لأنه إما أن يكون ناكراً الجميل، أو بالفعل شخصاً معارضاً بمعنى الكلمة، لأنه عديم الولاء للبلاد التي منحته جنسيتها، وله أهداف أو أجندة خاصة تستقصد الإيذاء بالبلاد، لأن دماغه تعرض للغسيل على يد أسياده بقية «الزعاطيط».

أن يكون هناك «زعاطيط»، محسوبون علينا أنهم منا، ثم يصرحون بتصاريح غير منطقية، من دون أن يكون لديهم تقدير للإمكانات دون وعي، فهذا أمر قد يتبنون موقفه عن جهل، ويطالبون بمطلب من دون إدراك للواقع!

أتمنى أن أكون قد وفقت في شرح معنى «الزعطوط».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر