5 دقائق

ثورة الـ «بلاي ستيشن!»

ميره القاسم

أتابع القنوات الفضائية «بشراهة» في هذه الأيام لمشاهدة مسلسل الثورات العربية، الذي أصبح طويلاً ومملاً مثل المسلسلات المكسيكية التي أراحتنا منها القنوات في السنوات الماضية، بعد أن حوّلت وجهتها إلى المسلسلات التركية كون متابعة الحلقات تصل إلى المئات، فالزمن أصبح سريعاً ولا يمكن مع تسارعه إيجاد الوقت المناسب لمشاهدة هذا الكم من المواد التلفزيونية، سواء كان مسلسلات أو أخباراً.

أطول المسلسلات أصبح لا يختلف كثيراً عن طول ثورتي اليمن وليبيا حتى أن الملل أصابنا كمتابعين، في ظل عدم خروج تلك الثورات من النفق الطويل الذي دخلته من دون وضع نهاية محبوكة، كما أن النكت الجديدة والطازجة التي كانت تولد من رحم المعاناة والإرهاب السياسي، وكُتبت بدم الثوار كالتي كنا نقرأها ونسمعها في مصر، توقفت بعد تدخل الطيران الأجنبي في ثورة ليبيا، الذي أجبر العقيد الساخر معمر القذافي على إيقاف خطبه الكوميدية أيضاً!

للأمانة تراجعت متابعتي في الأيام الماضية لنشرات الأخبار، وانصب اهتمامي على البحث الدائم عن ليبيا ومدنها وقراها، حارة حارة، دار دار، مدينة مدينة، وعلى وجه الخصوص مدينة «رأس لانوف»، التي أصبحنا نتراهن كـ«أسرة» عند متابعة نشرة الأخبار على من سيحتلها، فننقسم إلى فريقين، الأول يؤكد بقاءها في يد الثوار، والآخر يؤكد عودتها إلى العقيد معمر، وقصة الرهان تعود إلى أننا تعلمنا من النشرات الماضية أن رأس لانوف تشبه الزئبق، لا يمكن لأي طرف أن يمسكها لأكثر من يومين إلى ثلاثة أيام، وأصبحنا نألف أنها عندما تصبح في يد جنود القذافي ستعود إلى الثوار، وهكذا كل يوم تُلقى «رأس لانوف» من يد إلى أخرى، وكأنهم يلعبون «بلاي ستيشن»، فتارة يدخل الثوار من الجهة الشرقية، ولا يستمر الأمر لساعات حتى يعود مقدم نشرة الأخبار ليؤكد أن جنود القذافي استولوا عليها بعد دخولهم من الجهة الغربية!

عندما تضع الحرب أوزارها في ليبيا وتبث التقارير أتمنى أن أشاهد تقريراً وافياً عن هذهأ المدينة، وسبب انتقالها المتكرر بين الأطراف المتقاتلة للدرجة التي تخيلت معها أن الخطة الموضوعة للثوار ولجنود معمر واحدة، أو أن من يقوم بالتنسيق بين الطرفين عميل مزدوج ويقوم بتسريب الخطط العسكرية لهما، فلا تمر ساعات حتى تسقط المدينة بكل سهولة من دون خسائر فادحة في يد الثوار أو جنود معمر، بينما يظل الخاسر الأكبر أهالي رأس لانوف، الذين أصبحت رؤوسهم تتساقط مع كل سقوط للمدينة من دون رحمة من الطرفين.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر