5دقائق

«سيد الحبايب يا ضنايا إنت»

ميره القاسم

لا أدري إن كان من الصواب إطلاق لفظ «ظاهرة» على حالات التحرش الجنسي بالأطفال التي نسمع أو نقرأ عنها بين الحين والآخر، وبعيداً عن التهويل والتهوين لابد من القول بوضوح إن الأمر بات يدعو إلى القلق، فتكرار مثل هذه الحوادث على الرغم من توافر العقاب وتجريم القوانين لها، إلا أنهأ مؤشر إلى أن المشكلة أكثر تعقيداً من أن تكون جريمة يحاكم مرتكبها وينتهي الأمر.

لهذه المسألة في تقديري كما في تقدير معظم الباحثين والمشتغلين في علم النفس وعلم الاجتماع، حيثيات وأسباب وتوصيفات وآثار ينبغي الاهتمام بها والانتباه إليها، فالتحرش الجنسي بالطفل من الناحية النفسية هو علامة من علامات المرض النفسي، أو اضطراب الشخصية لدى مرتكبه في أغلب الأحوال، وهو من الناحية الاجتماعية مؤشر إلى خلل اجتماعي خطير لابد من دراسته ومعالجته ووضع الحلول المناسبة لذلك، ولا يكون العلاج بالعقوبة وحدها، بل بمعرفة الأسباب ومنعها، وبلغة الاجتماعيين العمل على ألا تتوافر البيئة الاجتماعية الخصبة لحدوث مثل هذه الجرائم، وهذا يأخذنا إلى التركيبة السكانية مرة بعد مرة، وكثرة العمال العزاب والوسائل التي لابد من توفيرها لحماية المجتمع والأسر والأطفال من خطر العمالة الأجنبية، خصوصاً تلك التي تختلف قيمها وعاداتها وتقاليدها عن قيمنا وتقاليدنا. وثمة أماكن بعينها تعد بيئة مناسبة لتكرار مثل هذه الممارسات الشاذة، كالمصاعد والحافلات المدرسية والحمامات العمومية وحتى في بيوتنا! فلم تعد الثقة ملازمة لنا حتى مع أقاربنا، فكم من طفل تم التحرش به من قبل الأخ أو الخال أو العم، وغيرهم من صلات الرحم ؟! وعلى الرغم من التوعية الإعلامية المتكررة لردع الأهالي عن نومهم، إلاّ أن حالات التحرش للأسف تتكرر وبشكل مؤلم. لا شك في أن لغة الحوار بيننا وأطفالنا مفقودة، فماذا عن توعيتهم بمثل هكذا سلوك وشرحه لهم بوضوح يناسب مرحلتهم العمرية، من دون حرج أو ترهيب، حتى لا نزرع عامل الخوف في نفوسهم فننشئ منهم أطفالاً جبناء لا يثقون بمن حولهم، علينا أن نعالج أنفسنا أولاً، ونحسن الاستماع لهم وإعطاءهم الفرصة للبوح حتى لو كان ما يقولونه سيفقدنا أعصابنا.. ولنربيهم تربية علمية تتيح لهم معرفة أجسادهم وكيف يحافظون عليها.. فلنبادر منذ اليوم بسؤالهم عن يومهم.. أصدقائهم.. محيطهم وحتى ثيابهم.

أيها الآباء.. أيتها الأمهات.. أنتم وحدكم المسؤولون.. وأنتن وحدكن المسؤولات عما يحدث لأطفالكم، ومعظم هذه الحوادث يمكن ألا تحدث لو كنتم تحليتم باليقظة.. فلا تهملوهم!

إن لمثل هذه السلوكيات أثراً بالغاً وخطيراً على حياة الطفل ونموه وسلامته النفسية، فما تتركه من جراح لا تبرأ.. وربما تكوّن في المستقبل من العقد النفسية ما تتحكم في شخصية صاحبها وسلوكه وقراراته، لهذا أطفالكم أولاً، فلا تصمتوا إن حدث لهم مثل هذا ثانياً.. لأنكم بصمتكم تشجعون الجاني على تكرار فعلته مع طفل آخر، وربما مع طفلكم نفسه مرات ومرات.

أيها الآباء.. أيتها الأمهات.. اقتربوا من أطفالكم.. تصارحوا معهم.. أعطوهم وقتاً.. ولا تدفنوا رؤوسكم في العمل ومطالبه، والحياة وشؤونها، فأطفالكم أهم.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر