أبواب

عندما يُنفخ البوق

سالم حميد

يسعدني دائماً، وأنا أطالع جديد رفوف المكتبات العامة والخاصة، أن أجد كتباً مميزة لكتاب إماراتيين، عملوا بجهد متواصل، لإغناء مكتبتنا الوطنية، كما يزيدني سعادة أن أرى كتاباً موهوبين يقدمون لنا كتبهم المميزة، حتى لو اضطروا إلى طباعتها على حسابهم، وتحمل التكاليف كافة في سبيل مشاركتنا أفكارهم وآراءهم وقصصهم وثقافتهم. وقد لفتني أخيراً كتاب لمؤلف إماراتي اسمه فهد بن أحمد، الذي عنوانه «عندما يُنفخ البوق»، وهو كتاب شيق يحمل بين طياته معلومات وافرة حول حقبة مهمة من التاريخ الإسلامي، إنها قصة الإمبراطورية العثمانية، إذ ركز الكاتب على فترة سقوط هذه الإمبراطورية، التي عرفت بعظمتها وهيبتها وتأثيرها القوي في المحيط العربي، وهذا الكتاب بمثابة دراسة تحملك في رحلة ممتعة بين سلاطين العثمانيين، ويتوقف في محطات مهمة في تاريخ هذه الفترة، سطرها الكاتب بطريقة شيقة وسلسة.

الفصل الأول من الكتاب يركز على نشأة الإمبراطورية العثمانية وعراكها المستمر مع دول أوروبا، التي كانت تعيش في تلك الفترة ظلاماً دامساً، كما كانت عرضة لانقسامات شتى، وكيف أدى التشتت الأوروبي آنذاك إلى سيطرة العثمانيين على بيزنطة وامتدادهم على بقاع شتى من الغرب المتاخم لحدودهم، أما الفصل الثاني من الكتاب فيتطرق إلى الثورة الثقافية التي كانت تجتاح أوروبا، كما يركز على دولة بيزنطة المسيحية وكيفية تشكلها وتطورها، ومن جانب آخر يربط بين عصر النهضة الغربي، الذي واكب ولادة السلطان العثماني محمد الفاتح، الذي عرف عنه بعض العلاقات المشبوهة، ويحلل الكاتب تاريخ العلاقة ومسوغاتها والنظرة العامة إليها في تلك الفترة، كما يصف السلطان الذي فتح القسطنطينية، هذا الحدث الذي غير معالم الإمبراطورية العثمانية. وفي الفصل الثالث من الكتاب يتطرق إلى الحرب التي قدرت للدولة العثمانية بعد فتحها القسطنطينية في أن تنتقل إلى مرحلة جديدة وتطلق العنان لملكها وإمبراطوريتها، وكيف أثر هذا الحدث في تطور الإمبراطورية بحكم اختراقها للغرب ومحاكاتها للأرستقراطية الملكية في عدد من دول أوروبا، وكيف تأثر السلطان محمد الفاتح ونظم إمبراطوريته بشكل رائع، بدوره الفصل الرابع يتطرق إلى دور الدين الإسلامي في تشكيل سياسة الإمبراطورية العثمانية مع دول الغرب والشرق، فالسلاطين الذين خلفوا محمد الفاتح والذين نقلوا إمبراطوريتهم إلى مرحلة القوة العظمى عبر جيشهم الذي مثل أقوى جيوش الأرض آنذاك، أما الفصل الأخير من الكتاب فيتناول حكم السلطان سليمان القانوني الذي كان داعية للإصلاح والتحديث وتحقيق العدالة، وأيضا عرف بالشهوة والمجون، رغم ذلك فقد كان أعظم قادة العثمانيين بما خلفه من إرث حضاري لايزال حاضراً حتى الآن، لكن كل ذلك لم يحل دون انهيار الإمبراطورية، الذي جاء من خلال حكام ضعاف خلفوا القانوني وتسببوا بشكل أو بآخر في الانهيار، طبعاً إضافة إلى عوامل كثيرة يفصلها الكتاب.

أردت من خلال هذا السرد السريع أن أقدم لكم الكاتب الإماراتي الشاب فهد بن أحمد، وأدعوكم لقراءة كتابه المثير، الذي يزودنا بمعلومات مفصلة مطروحة بطريقة قصصية شيقة عن فترة مهمة من التاريخ العثماني.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

 

تويتر