5 دقائق

التظاهر.. ثقافة أولاً

ميره القاسم

قبل ثورة تونس كان معظم الشعب العربي لا يثق بنشرات الأخبار، حسب ما أقرأ وأسمع ممن أثق بهم من مثقفين وإعلاميين، ولست مجبرة على إقناعكم بهذا الأمر، ولا يوجد لدي إحصائية دقيقة كوننا لا نهتم بالإحصاءات كدول عربية بشكل عام، وقد نتجاوز في نسبها إن اضطررنا إلى إظهارها في وسائل الإعلام.

يتحول تركيزنا ومتابعاتنا الفضائية وعبر «النت» فجأة بين يوم وليلة، من برامج ترفيهية وأفلام وأغانٍ إلى نشرات أخبار وبرامج حوارية ومناقشات تحليلية، و«وتوك شو» ترتبط بهذه الأحداث، وأصبحنا نصدقها لأنها تنقل صورة حقيقية للواقع، كما أن الكاميرا عادة لا تفارق الشارع العربي وابتعدنا عن التنظير المعتاد والوجوه المملة، التي تطل علينا لتقنعنا بتسويقها التافه لفكرة أجندات بعض القوى الطامعة في الثروات العربية.

وبمناسبة الحديث عن الكاميرا التي تنزل إلى الشارع العربي، والتي رصدت تظاهرات للشعوب العربية داخل دولهم وخارجها، وهنا مربط الفرس الذي أود إلقاء الضوء عليه، فتظاهرات الداخل لدينا كانت فوضوية ومتجاوزة لدرجة كبيرة.

مثلاً تجد خيمة خصصت لعمل القهوة والشاي للمتظاهرين، وأخرى لعمل السندوتشات وثالثة لجمع الأحجار والعصي لتوزيعها على المتظاهرين في حال تمت مهاجمتهم من قبل «البلطجية».

من جهة أخرى، فإن التظاهرات العربية في الدول الأجنبية تتم بتنظيم في منتهى الدقة والترتيب، فتجد اللافتات مكتوبة بأحجام معقولة ولا يسمح للمتظاهر بأن يتجرأ ويكتب على جدار منزل أو لوحة إعلانات أو صندوق كهرباء، كما يحدث عند المتظاهرين في الداخل.

وللأمانة لا أدري هل يحق لنا أن نلوم الشعوب الغاضبة ونركز على بعض من صرخاتهم الغوغائية، أو نصب اهتمامنا على قضيتهم الرئيسة التي تطالب بالتغيير بأي طريقة كانت حتى لو خسرنا منظر شوارعنا ومقارنا الحكومية التي لن تطيح بالزعماء إذا تم إشعال النار فيها مثلاً؟

فالجدران لم تفعل بنا شيئاً، ولم تسرق حقوقنا ولم تضطهدنا، ولا الشوارع اعتقلت أصحاب فكرنا أو سياسيينا المعارضين، ولا صناديق الكهرباء كممت أفواه الصحافيين وأصحاب الرأي، فلماذا نزيد في المشهد العام هذا التشوه بعد ما شوهته تلك الأنظمة الديكتاتورية؟

وبقدر الحرص على ذكر محاسن التظاهرات الخارجية التي تحافظ على النظافة والنظام واحترام حقوق الآخرين، يوجد برود في اللافتات التي يحملها المتظاهرون هناك، لذلك نرجو منهم أن يخففوا «دمهم» قليلاً، فنحن بحاجة ماسة إلى الابتسامة في ظل الأزمات المتلاحقة.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر