أبواب

دورة ثالثة لمهرجان الآداب

سالم حميد

«مدينة دبي تحتفي بثقافتها الأدبية»، عنوان بارز ربما يلخص تطلعات مهرجان «طيران الإمارات للآداب» في دورته الثالثة برعاية رسمية من هيئة دبي للثقافة والفنون؛ هذا المهرجان الذي يستقطب أسماء لامعة في الأدب من شتى بقاع العالم، وأيضا يضم عشرات الندوات الأدبية التي تناقش موضوعات مختلفة في الأدب والثقافة، وأيضا كتباً عدة تحمل في طياتها ثقافات شعوب تتباين لكن تجمعها الرغبة في تعزيز الثقافة التي وحدها ستترك أكبر أثر في حياة الشعوب.

في الحقيقة، كان عندي دائماً هاجس وهو تعريف الآخرين بثقافة الإمارات وتاريخها وتراثها، فطبعاً بعضنا يعرف تقاليدنا وتراثنا وعلى اطلاع على ثقافتنا الموروثة وأيضا التطور الثقافي الحاصل إلى حد ما، وأيضاً إلى حد ما أصبح أبناء الجاليات العربية يعرفون اليسير عن تراثنا وثقافتنا، نظراً لكم الكتب التي تتناول سيرة الثقافة فيها، وكذلك التطور الحضاري الكبير في البلاد، وهناك العديد من الدراسات العربية التي تحلل ذلك التطور الكبير الذي خضعت له الدولة عموماً، لكن وللأسف خطابنا الثقافي لغير الناطقين بالعربية لايزال قاصراً، فالكثير من مواطني دول الغرب لايزالون ينظرون نظرة قاصرة إلى الإمارات، ويظنون أننا لا نمتلك ثقافة حقيقية، أو أن بلادنا عبارة عن ناطحات سحاب وسيارات فارهة وسط الصحراء والجمال، أما مَنْ عاش منهم بيننا فقد اطلع على التطور الحضاري الكبير الحاصل، الذي وضعنا في مصافّ المدن الكبرى، لكن هذا الزائر أو المقيم لا يعلم شيئا عن تراثنا الحضاري وعاداتنا الأصيلة، والكم الثقافي المهم الذي يطبع تقاليدنا وتراثنا، ما يجعل نظرته قاصرة عن إدراك هذا المكان.

ما أريد قوله هنا أن خطابنا الثقافي ضعيف في ما يتعلق بالتوجه إلى دول الغرب، وأيضا الشرق من غير الناطقين بالعربية، فالكتب التي تشرح وتنقل الواقع الثقافي والتراثي بالإنجليزية، على سبيل المثال، تعد على أصابع اليد، لذلك وجدت أن من واجبي إعداد دراسة بالإنجليزية تشرح الحركة الثقافية في الإمارات منذ العصر الحجري وحتى عصرنا هذا، هذه الدراسة تحت عنوان «ردم هوة صناعة الثقافة في الإمارات»، ترى النور ضمن فعاليات المهرجان على شكل كتاب باللغة الإنجليزية فيه الملخص الذي يتحدث عن تاريخ وتراث الإمارات، ويعرّف بدور الشعر والأغاني والفلكلور ليعكس طبيعة حياة الإماراتي وتطور شخصيته عبر التاريخ، وأيضاً دخول فنون أخرى ضمن المجتمع الإماراتي كالمسرح، وتطور فنون التشكيل والرسم وظهور أسماء لامعة في الإمارات، وتطور فنون السينما والحديث عن صناعة سينمائية في الإمارات، وأيضا يشرح التنوع الثقافي الكبير الذي، بكل تأكيد، حافظ على طابع إماراتي ثقافي.

فرحتي بهذا الكتاب الجديد الذي أشارك به في مهرجان طيران الإمارات للآداب مضاعفة، لأني استطعت ببساطة تحقيق هاجس طاردني طويلاً في التأكيد على عمق الثقافة الإماراتية وأصالتها، وأردت من خلال هذا المقال أيضا مشاركتكم كتابي الجديد، فجميع الفصول تطرح موضوعات تهم المواطن والمقيم على حد سواء، إذ تم دمج التاريخ بالسياسة والجغرافيا والديمغرافيا والناس والبيئات المختلفة، لنرى أثر هذه العناصر في المجتمع والحركة الثقافية داخله.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر