من المجالس

العالم يريد إسقاط النظام!

عادل محمد الراشد

ما أقبح النظام العالمي الذي جعل المصالح ديناً يتبع، وجعل الأخلاق كوميديا هابطة تزيد إسفافاً على نكات «المساطيل»، عندما ينال «الكيف» من كل قطرة ماء في وجوههم الشاحبة. بالأمس كان «الرئيس الضرورة»، الذي لا يستقيم ميزان الاستقرار في مصر، وكل العالم العربي، من دونه، والضامن للسلام والأمن في الشرق الأوسط، وفجأة انقلبت الصورة ليصبح الأكثر تهديداً لما سبق والأشد عداء للديمقراطية، والأبشع وجهاً على الكرة الأرضية.

الموقف الأميركي الذي استقر أخيراً على ضرورة رحيل مبارك، على الرغم من خطاب الرئيس أوباما الأخير المكتوب بعناية فائقة والمفعم بـ«المبادئ»، ومواقف «الديمقراطيات» الأوروبية المتبرئ من الحليف الأقوى في المنطقة، وضع العالم مرة أخرى في مراسم تعميد جديدة لمبدأ تشيرشل القائل بوجود مصالح دائمة لا مبادئ دائمة، وعلى الرغم من عدم تشكيل هذا الموقف أي مفاجأة لأن حبر خبر فرار زين العابدين بن علي لم يجف بعد، وصور شاه إيران ومن ساروا على ضلاله لم تفارق الذاكرة، فإن بيع نظام مبارك في سوق المزاد السياسي الدولي جعل الرسالة أبلغ لمن لايزال يعول على الخارج، ويفتح أذنيه وقلبه وكل جوارحه لنصائح أصحاب نظرية «عالم مصالح لا عالم مبادئ»، ليدير ظهره لتلك المراهنات الخاسرة، وييمم وجهه شطر داخله، يفتح قلبه ويوسع أذنيه ويفرش أحضانه، ولا يعول إلا على ظفره ليحك به جلده. النظام العالمي يقدم في كل يوم درساً في بشاعة الصورة، ويؤكد أن الفساد ليس سمة الدول والحكومات فقط، وإنما مرض اجتاح العالم بيد دعاة الحرب على الفساد من الدول الممسكة بدفة العالم، والمنتجة لبيانات المبادئ القابلة للبيع في أسواق المستهلكين السيئين، العالم أصبح بحق بحاجة إلى ميدان تحرير يطالب بإسقاط النظام.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر