من المجالس

الأحزمة الخضراء

عادل محمد الراشد

الرياح العاتية التي صحبت تقلبات الطقس بالدولة، الأسبوع الماضي، جعلت مناطق الدولة بين حالين.. حال كانت فيها الرؤية إلى حد ما صافية، والأحياء بعيدة عن موجات الغبار والأتربة، وحال في مكان آخر غرق فيها الكثير من المناطق والأحياء في عواصف رملية، عصفت بالرؤية، وغطت المسطحات، وكست البيوت بطبقات من الأتربة، ولونت المحيط بلون واحد أفقد الأشياء معالمها.

في الحالة الأولى سلمت المناطق المحاطة بالأشجار الكثيفة في ما يسمى «الأحزمة الخضراء» إلى حد كبير من تداعيات العواصف الرملية، وتجنبت تراكم التربة على كل تفاصيل الحياة داخلها. فقد كانت هذه «الأحزمة الخضراء» بمثابة مصدات و«فلاتر» عملت على تخفيف اندفاع الرياح المحملة بالغبار والأتربة، وتخفيف الآثار المترتبة عليها. وفي الحالة الثانية كانت مناطق أخرى، خصوصاً الضواحي والمناطق الجديدة بالمدن، مكشوفة من دون حواجز أو موانع، تخفف عنها وطأة الهبوب العاتية، وتحدّ من تراكم الأتربة وفرض هيمنتها على كل المشهد.

إقامة «الأحزمة الخضراء» وتوسيع الرقعة الزراعية أسلوب بدأته دولة الإمارات منذ بداية نشأتها، وأصبحت بفضل جهودها فيه صاحبة سبق وتجربة فريدة، على صعيد المنطقة، أدى إلى سعي دول شقيقة إلى محاكاة التجربة الإماراتية الخضراء، ولكن مع توسع المدن والمناطق السكنية، وقيام مدن جديدة بدت تلك التجربة متخلفة في حركتها عن حركة البناء، وأصبحت زراعة الشوارع والميادين والطرق الداخلية حكراً على مراكز المدن وأحيائها القديمة، بالإضافة إلى الطرق الخارجية، بينما أهمل بند الزراعة الموجود في خطط التطوير العمراني، وربما تم تأجيله، الأمر الذي أفقد تلك المناطق الجديدة جمال اللون الأخضر، وكشف رأسها في مواجهة العواصف الرملية، «الأحزمة الخضراء» في دول صحراوية مكشوفة كدولتنا ضرورة لحماية المنشآت وتخفيف الأضرار، وهناك مناطق سكنية مضى على إنشائها أكثر من 10 سنوات، ولايزال محيطها وشوارعها من دون عود أخضر.

adel.m.alrashed@gmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر