كل يوم

تحذيرات زعيم عربي

سامي الريامي

قبل ست سنوات، حذّر زعيم عربي من خطورة الوضع العام في الوطن العربي، حذّر من مخاطر انتشار الفقر وضعف التعليم وازدياد معدّلات البطالة، وطالب الزعماء العرب بضرورة التركيز على الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وإرساء معايير الشفافية ومكافحة الفساد، وإلا سيحدث ما لا يمكن توقّعه!

هذا الزعيم العربي هو صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وقد قالها في 13 ديسمبر من عام 2004 خلال المنتدى الاستراتيجي العربي الذي استضافته دبي، قالها بكل وضوح وجرأة في وقت لم يكن يتخيل فيه أحد في الوطن العربي كافة أن يحدث ما حدث. كلماته كانت صريحة حين قال: «أقول لإخواني المسؤولين العرب إن لم تغيروا ستتغيرون، وإن لم تبادروا إلى إصلاحات جذرية تعيد الاحترام إلى العمل العام، وترسي مبادئ الشفافية والعدالة والمساءلة ستنصرف عنكم شعوبكم، أوسيكون حكم التاريخ عليكم قاسياً».

محمد بن راشد لم يطّلع على الغيب بكل تأكيد، لكنه قرأ واقع الحياة العربية بدقة، وتحدّث عنه كما هو، لا كما تخرجه الصورة الرسمية المنمّقة، فالواقع العربي مرير، والحالة العربية في أسوأ صورها، والفقر والبطالة ينخران في معظم المجتمعات العربية، وهما في حدّ ذاتهما يكفيان لإٍحداث ما حدث، فكيف إذا ترافقت معهما مسببات أخرى، كعدم المساواة وغياب الشفافية وانتشار الفساد؟

الوطن العربي ليس فقيراً في موارده وإمكاناته، لكنه فقير جداً في إرساء العدالة الاجتماعية، والشعوب العربية فقيرة في كل الحريات التي تتمتع بها بقية شعوب الأرض، فهل من المستغرب أن يصل الإنسان إلى حد الانفجار إذا تساوى وجوده مع عدم وجوده في الحياة؟

يجب أن نعي تماماً هذا الدرس الشديد الذي يمرّ به الوطن العربي، وأول ما نعيه هو التركيز على الاقتصاد محوراً أساسياً للعمل وتحقيق التنمية، فالسياسة فشلنا فيها بامتياز، ولم تُفدْ معظم الدول العربية حالة الطوارئ التي تعيش فيها والتي أسهمت في تراجع معدلات النمو الاقتصادي والاجتماعي كافة، وأسهمت أيضاً في تراجع حاد لكل الحريات العامة.

خيول الاقتصاد يجب أن تتقدم على عربة السياسة حتى تجرّ دول المنطقة إلى النمو والتطور، قالها محمد بن راشد في مناسبات عدة، ولن يتحقق الرخاء في الوطن العربي ما لم ترتبط دوله اقتصادياً بعضها ببعض.

ما حدث يجب أن يقود الوطن العربي إلى التفكير الصحيح الذي يحتّم على الجميع الاقتناع بأن الكبت والاضطهاد والقمع لن تمنع الشعوب من إيصال صوتها إلى العالم، والوسائل السابقة في التكتيم والتعتيم أصبحت قديمة وبالية، ولا تتناسب أبداً مع العصر الحديث، والسبيل الوحيد لكسب تأييد الشعوب واحترامها وحبها هو العمل على إعطائها حقوقها وحرياتها.

الحريات لا تجلب المشكلات، بل العكس تماماً، فالشعوب الراقية تتطور بحرياتها، ولا تثور إلا إذا فقدتها، والحصول على العدل والمساواة، سبب في استقرار المجتمعات والشعوب، والإصلاح هو عملية مستمرة يجب ألا تتوقف أبداً. الوضع العربي يؤكد ذلك، ومن يعتقد خلاف ذلك فهو مخطئ تماماً، فكسب حب الشعب مسألة ليست صعبة على الإطلاق، تعلمناها في نماذج عربية ستظل خالدة في الذاكرة العربية ولن تنساها الشعوب.

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر