5 دقائق

ذئاب في حديقة الورد

ميره القاسم

كانت نائمة مثل ملاك في حديقة أحلامها، تعبت من يوم دراسي فنامت في حافلة المدرسة، لم يخطر في بالها أن مصيراً أسود في انتظارها، وكيف لطفلة في الرابعة أن تتوقع مثل هذا؟ من أين لها وهي الغارقة في عوالم الطفولة البريئة أن تفكر بالذئاب الذين يحومون حولها؟ ذئاب بشرية لم ترحمها ولم تفكر في مستقبلها وحياتها وما ستتركه تلك الفعلة البشعة عليها وعلى أسرتها، بل وعلى الآباء والأمهات الذين يحق لهم أن يقلقوا على أطفالهم.

وبعيداً عن العواطف والمشاعر التي تثيرها الحادثة، لابد من وقفة جريئة لفهم ما جرى، فما حدث فى حافلة نقل تلاميذ إحدى المدارس ليس ناقوس خطر يدق على رؤوس أولادنا وبناتنا فحسب، بل هو مأساة بكل ما تعنيه الكلمة، مأساة لا تقف عند آثار الحادثة النفسية والمجتمعية، بل مؤشر إلى وجود خلل في مؤسستنا التعليمية التي ينبغي سؤالها: أين الإشراف على المدارس ومراقبة ما يجري فيها؟ أين المعايير التي ينبغي ان تتوافر في المشرفين على الأطفال؟

التحقيقات أشارت إلى أن السائق، وهو في العقد الثاني من عمره، هو أول من تحرش بالطفلة، مستغلاً وجود ستائر تغطي نوافذ الحافلة، يعني «حاميها حراميها»، والمبكي أن معظم المدارس تفرض رسوماً كبيرة على هذه الحافلات!

يقول الأهالي إنهم تقدموا بشكاوى كثيرة إلى إدارات المدارس ومسؤولي التعليم في البلاد بسبب عدم وجود مشرفين ومشرفات داخل الحافلات المدرسية، لكن أصواتهم ذهبت سدى. فهل تجد أصواتهم بعد ما حدث صدى؟! هل أقول إن على الآباء والأمهات أن ينبهوا أطفالهم الى مثل هذه التحرشات؟ وكيف تُمكن توعية طفلة صغيرة بمثل هذه الأمور؟ كيف نشرح لها ما يختفي من مقاصد سيئة النية وراء تودد الكبار أحياناً؟ ربما يكون الاستماع للأطفال ومعرفة ما جرى لهم في يومهم وسيلة لإنقاذ الطفل من خطر مثل هذا، فالاطمئنان على يوم الطفلة الدراسي لا ينبغي أن يتوقف فقط عند معرفة ما عليها من واجبات وما حصلت عليه من علامات لعل.. وعسى. وهنا أقول لمسؤولي التعليم في طول بلادنا الحبيبة وعرضها: لوجه الله ولوجه الوطن، اتقوا الله في أطفال الوطن من عبث المرضى النفسيين، وهل من الصعب إلزام المدارس الخاصة بتعيين مشرفات في الحافلات؟!

والـدة الطفلة تطـالب بـ«نوافذ شفافـة» للحافلات المدرسـية، نحن بحـاجـة يا سيدتي، بالإضافة الى النوافذ الشفافة، إلى أرواح وعقول وقلوب شفافة تدرك أن بين يديها أمانة لا ينبغي التفريط في رعايتها، نحن بحاجة إلى تربويين يمتلكون من الشفافية الروحية والنفسية ما يؤهلهم إلى تربية أطفالنا وإدارة مدارسنا، ولن أضيف إلى ما قاله الفريق ضاحي خلفان: «إن العمل الإجرامي القذر الذي تعرضت له هذه الطفلة المسكينة يجب أن يكون درساً لإدارات المدارس، حتى تضع اشتراطات صارمة في اختيار السائقين والمرافقين للأطفال».. فهل من مجيب؟

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها . 

تويتر