رؤية

المفاوضات التجارية الخليجية-الأوروبية

نجيب الشامسي

تتمتع العلاقة الاقتصادية والتجارية بين كل من دول الخليج والاتحاد الأوروبي بجذور تاريخية، وأهمية استراتيجية للطرفين، وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يعدّ أحد الشركاء الثلاثة الرئيسين لدول الخليج، إضافة إلى كل من اليابان والولايات المتحدة الأميركية، إلا أن المفاوضات في ما بين الطرفين لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة بينهما مازالت متعثرة، على الرغم من مرور أكثر من 21 عاماً على بدئها.

ومازالت العلاقة التجارية بين الطرفين غير متكافئة وغير متوازنة، إذ يميل الميزان التجاري، وبشكل حاد، لمصلحة دول الاتحاد الأوروبي، ويسجل فائضاً كبيراً لمصلحته، الأمر الذي يؤكد مدى أهمية اقتصادات دول الخليج وأسواقها بالنسبة إلى دول الاتحاد الأوروبي واقتصاداتها، على اعتبار أن دول الاتحاد تعدّ الشريك الأول لدول الخليج، كما أن أسواق دول المنطقة تشكل خامس سوق تصديرية للمنتجات الأوروبية.

ويأتي فائض الميزان التجاري الأوروبي دوماً لمصلحتها، وذلك على حساب الاختلالات الكبيرة في الميزان التجاري، وميزان المدفوعات، والأوضاع الاقتصادية والمالية في دول الخليج، والسبب في ذلك يعزى إلى العقبات التي يوجدها الاتحاد الأوروبي، التي تبدو متعمدة، وتقف دون إبرام اتفاقية التجارة الحرة وتحرير التجارة بين الطرفين، فمازال الاتحاد يفرض ضرائب مرتفعة على صادرات دول الخليج، للحيلولة دون نفاذها إلى الأسواق الأوروبية، فبعد أن فرض ضريبة الكربون، وقدرها 50٪، على صادرات دول الخليج من النفط ومشتقاته، والصناعات البتروكيماوية، فرض ضريبة نسبتها 6٪ على صادرات دول الخليج من الألمنيوم، الذي تراوح إسهاماته بين 6 و7٪ من قيمة الناتج المحلي الإجمالي في كل من البحرين ودبي، يشار هنا إلى أن صادرات الصناعات البتروكيماوية والألمنيوم تشكل السواد الأعظم من صادرات دول الخليج غير النفطية، وكان لهذا القرار الأثر المباشر في رفع أسعار منتجات دول الخليج من الألمنيوم في الأسواق الأوروبية.

وتؤكد مسيرة المفاوضات المتعثرة عدم جدية الاتحاد الأوروبي في التعاطي مع ملف تنمية التجارة البينية مع دول الخليج، والسعي إلى معالجة الخلل في الميزان التجاري، ويظهر ذلك جلياً في عدم اهتمام الاتحاد الأوروبي بتنمية اقتصادات الخليج لتمكينها من تنويع قاعدتها الإنتاجية، وتنمية قدراتها التنافسية في الأسواق العالمية، وقد تأكد لنا ذلك من خلال محدودية الاستثمارات الأوروبية في القطاعات الإنتاجية، سوى قطاع إنتاج النفط وتصديره، ثم عدم جديتها في نقل التقنية الحديثة بالحجم الذي يحقق متطلبات التنمية الاقتصادية في دول الخليج، ثم تعمد الاتحاد تعطيل إبرام اتفاقية التجارة الحرة مع دول الخليج، من خلال إصراره على ربط التوقيع بالحقوق والمصالح للأقليات الموجودة في دول الخليج، وزيادة إسهام الملكية الأوروبية في رأسمال الشركات المساهمة الوطنية، إذ لا تزيد حالياً على 49٪، وكذلك فتح دول الخليج أسواقها على مصاريعها أمام الشركات الأوروبية، الأمر الذي عطل مسيرة الإصلاح في الميزان التجاري، ليكون دوماً لمصلحة الطرف الأوروبي، وكذلك عطّل مشروعات التنمية والإصلاح الاقتصادي في دول المنطقة.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

تويتر