أبواب

فقهاء الحل السلمي

زياد العناني

كتب كثيرة تخرج الآن وهي محمّلة بكثير من الاقتراحات لحل القضية الفلسطينة بناء على حل الدولتين، وضمن دوافع لا أحد يستطيع الجزم بأهدافها من كثرة ما هي مخترقة وغامضة.

في كتابه «نحو وعد بلفور جديد» يطرح د. سامي الخوالدة حل القضية الفلسطينية بنية طيبة نراها وهي تتأرجح وسط الميزان لاستدراج عدالة ما، ربما تقلب هرم القضية وتعيدها إلى ما قبل المربع الأول من خلال محاولته الساعية إلى استنساخ وعد جديد يخص الشعب الفلسطيني ويوقف إراقة الدماء.

غير أن الخوالدة لا يستغرق في ماهية الفرق بين الوعدين وبين المرحلتين حين يعترف مسبقاً بوعد بلفور القائل بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، اعتماداً على ميله المفرط لإحياء خط عقلاني يتبنى الوعد الجديد الذي يطالب بتحقيقه، متناسياً أن هذا الوعد ربما لا يكون على أرض فلسطين، وربما يفيض عن حدودها، خصوصاً إذا تلقفه مطبخ السياسات الإسرائيلية ودعمته أميركا.

بيد أن الخوالدة الذي أقر بالوعد الأول الذي جعل فلسطين، وفق تيودور هرتزل، هي جميع فلسطين التاريخية، إضافة إلى تمدده اللاحق إلى الجولان، اعتمد في كل ما يطرح على دعوة الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية الى اجتماع غير عادي من أجل حل قضية الشرق الأوسط وإنهاء الصراع واجتثاث الإرهاب، وصولاً إلى إنشاء دولة فلسطين العربية على كامل التراب الفلسطيني المحتل في الخامس من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، من دون أن يتوقف لحظة عند يافطة الوطن القومي اليهودي، ويافطة الدولة اليهودية، لكي يفرق بين اليافطتين قبل أن يتساءل مندهشاً: «أليس بوسعنا أن نتيح فرصة للعيش والتعايش بين أطفال فلسطين وإسرائيل حتى يصنعوا بدبلوماسية الطفولة أجيال السلام».

بغض النظر عن الخوف من إراقة الدماء، وبغض النظر ايضا عن بريق دبلوماسية الطفولة وغيرها من العبارات «المؤنسنة»، ثمة دولة احتلال ما انفكت تؤمن إيماناً كاملاً بأن فلسطين هي الوطن القومي اليهودي منذ «قورش» الذي أعاد اليهود من السبي البابلي إلى فلسطين، إلى الآن. ومن يريد أن يمد يده للسلام أو يتسامح فوق أي طاولة سيكون عليه أن يتذكر أن الوطن القومي اليهودي كان متاحاً في الأرجنتين وقبرص وألبانيا وأوغندا من قبل، ولكن فلسطين هي مربط الفرس، وذلك لأسباب عقائدية تدعمها كذبة إعادة بناء الهيكل في أرض صهيون وفكرة التوسع التي تدار الآن من خلال العمل على شراء الأراضي خارج الحدود الجغرافية لفلسطين.

إن أي مقارنة قد تعقد الآن بين دعوة الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية لحل القضية لن يكتب لها النجاح، وذلك لأن هؤلاء الأعضاء لا يملكون النضج أو القوة السياسية أو العسكرية لتأسيس وطن للشعب الفلسطيني، ولا يوجد بينهم من يمتلك دهاء هرتزل لكي يعتمد الخوالدة عليه في سعيه نحو وعد بلفور جديد يلبي الحاجات ويحقق الغايات، وذلك لأن كل ما يطرح الآن من تسويات واتفاقات ليس لها سوى هدف، هو حماية إسرائيل من الفلسطينيين ومن القوانين والأعراف الدولية التي لا تكف عن انتهاكها في سبيل المحافظة على وعد البلفوري القديم، فهيهات أن يتبدل الوعد، وهيهات أن ترضخ إسرائيل لأي مستحدث أو جديد.

zeyad_alanani@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر