أبواب

وين ما دار الهوا درنا

سالم حميد

منذ الدورة الأولى لمهرجان دبي السينمائي الدولي والحضور الإماراتي ضعيف على مستوى الفنانين، ففي البدايات حضر بعض الفنانين الشباب على استحياء دونما أية بوادر للاهتمام بدعوة عدد من كبار الفنانين الإماراتيين الذين أكدوا ذلك الحين أنهم لا يتلقون دعوات لحضور الافتتاح، فقام حينها مجلس دبي الثقافي - قبل أن يتحول إلى هيئة دبي للثقافة والفنون - في الدورة الثانية، بالتدخل لإيجاد الحلول مع إدارة المهرجان وتقديم قائمة بأبرز الفنانين في البلاد، فبعض الفنانين يشاركون في مهرجانات إقليمية وعالمية، ومن غير المعقول أن يتم تجاهلهم في مهرجانات تُقام في بلادهم، وفي الأسبوع الماضي نشرت إحدى الصحف الإلكترونية بعد لقائها مع بعض الفنانين المتذمرين خبراً بعنوان «السجادة الحمراء لدبي السينمائي ممنوعة على الفنانين الإماراتيين»، ثم استهل الخبر بالقول «في سابقة غريبة على مهرجان دبي السينمائي الدولي ،2010 تم حرمان ما يقرب من 40 فناناً وفنانة إماراتيين من السير على السجادة الحمراء»، مع تحميل هيئة دبي للثقافة المسؤولية، حسب ما جاء في الخبر، ثم قام هؤلاء الفنانون بمناقضة أنفسهم الأسبوع الحالي في إحدى الصحف المحلية وقالوا عن المهرجان «سجادته الحمراء قدمتهم إلى العالم.. المهرجان سفير السينما المحلية، لسنا بحاجة إلى دعوة للمشاركة، سيبقى المهرجان عرضة للنقد بفضل نجاحه». بصراحة، قمة النفاق والتناقض!

لدينا في الإمارات مثل شعبي يقول «وين ما دار الهوا درنا»، وهذا المثل ينطبق على من يسعى إلى المصلحة الشخصية فقط ولا يهتم بالمصلحة العامة، وعلى من يقول شيئاً بكل غضب أمامك ثم يعود وينفيه بكل برودة أعصاب أمام غيرك، أو أنه يبجلك ويثني عليك أمامك ثم يلعنك ويمسح بوجهك الأرض لغيرك! وما يثير تساؤلي هنا، لماذا تم إقحام هيئة دبي للثقافة والفنون في الموضوع، وتحميلها مسؤولية توزيع الدعوات على الفنانين المحليين، في محاولة للتنصل من المسؤولية وإلصاق تهمة غير مبررة بهيئة حكومية تهتم بدعم وتفعيل الثقافة المحلية؟ مع العلم أن حكومة دبي ممثلة في هيئة دبي للثقافة والفنون قامت وتقوم على مدى السنوات القليلة الماضية والمقبلة بالمساهمة بملايين الدراهم لدعم مهرجان دبي السينمائي الدولي، ومهرجان الخليج السينمائي، والهيئة مجرد جهة راعية للحدث وليست الجهة المنظمة، كما أن الهيئة من مهامها دعم وتسليط الأضواء على نتاج الجيل السينمائي الإماراتي الشاب وإبداعاتهم الوليدة، أما عن التركيز في عدد النجوم الذين مشوا على السجادة الحمراء، فهذا آخر اهتمامات هيئة دبي للثقافة والفنون.

ليس دفاعاً عن المهرجان، لأنني من أشد المعارضين له، وأعتبره هدراً للمال العام، ودعاية متواضعة لسنا بحاجة إليها، لكن أتمنى ممن يدعي التهميش أن يركز في جودة إنتاجه الفني أولاً وأخيراً، لأنها وحدها ما ستحدد مكانه الذي يليق به في المهرجانات، ومن المعيب حقاً أن يبدي أحدهم التذمرات ويكيل الاتهامات ثم يقول لك «عادي، ما صار شيء!».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر