أبواب

حديث في التاريخ

سالم حميد

تحت عنوان «ذكريات الإمارات من خلال السرد الشفاهي» نظم المركز الوطني للوثائق والبحوث في أبوظبي مؤتمراً تاريخياً قيماً لمدة ثلاثة أيام الأسبوع الماضي، فكانت أجمل ثلاثة أيام عشتها خلال العام الجاري بالنسبة إلى شخص له اهتمام بالتاريخ، وهذا ليس بالأمر الغريب على مركز مرموق يشكّل مفخرة وطنية مثل المركز الوطني للوثائق والبحوث، وأهم مرجع للتاريخ في الإمارات، وسبق للمركز أن نظم مؤتمراً تاريخياً كبيراً عام ،2008 بمناسبة مرور 40 عاماً على تأسيس المركز، تحت عنوان «مفاهيم جديدة في تدوين تاريخ الإمارات»، استقدم عشرات الخبراء والباحثين محلياً وعالمياً في تاريخ الإمارات، ثم تم تدوين الأوراق البحثية المشاركة في كتاب جميل يسرد تاريخ الإمارات من جوانب عدة، ونأمل من المركز أن يقوم بطباعة كتاب جديد يسرد الأوراق الأخيرة، فقد شملت محاضراته معلومات تاريخية شفاهية كثيرة، تُكشف للمرة الأولى، لعشرات الشخصيات البريطانية، في أغلبها، وكذلك بعض الشخصيات المواطنة، كما عزز المركز أرشيفه من صور فوتوغرافية جديدة، يُكشف أغلبها للمرة الأولى، وهي صور شخصية جلبها معهم الغربيون الذين عاشوا في الإمارات خلال خمسينات وستينات القرن الماضي، فمنهم من عمل سياسياً أو طبيباً أو مصرفياً أو عسكرياً وغيرهم، وجاؤوا في ثلاثة أيام لسرد ذكرياتهم الجميلة في وطننا تلك الفترة قبل قيام دولة الاتحاد.

تمنيتُ أن تكون قاعة المركز مملوءة بأكملها بأبناء الوطن الراغبين في معرفة جوانب مهمة من تاريخ بلدهم، أو حتى بطلبة الجامعات، ولكن العدد كان قليلاً، وحتى على مستوى الباحثين المحليين كان العدد قليلاً، على الرغم من أن المركز أعلن عن المؤتمر، ووجه الدعوات، وجعل محاضراته مفتوحة للعموم بالمجان، ولكنني أعتقد أن السبب يعود إلى عدم ترغيب الإماراتيين في معرفة تاريخهم منذ الصغر، فمن الطبيعي ألا نجد هذا الاهتمام عند الكبر!

أُطالع المناهج الدراسية بجميع مراحلها من الابتدائية إلى الثانوية لمادتي التاريخ والتربية الوطنية، ولا أجد ما يشجع الطالب الإماراتي على معرفة تاريخ وحضارة بلاده، لدرجة أشعر أن هناك من يتعمد حجب هذا التاريخ، أو هناك من لا يرغب في تجديد مناهج عقيمة بحاجة إلى تدقيق، مجرد قارئ- وليس باحثاً - في التاريخ يستطيع كشفها بسهولة، ونجد مناهجنا مهتمة بتاريخ الأمم الأخرى، ولا نجد ما يثري تاريخنا نحن!

بلدنا غني بمكوناته وتاريخه وماضيه وحاضره، ونريد من مناهجنا أن تأخذنا في جولة في تاريخنا في بداياته عن الحضارات التي عاشت على أرضه، وتتابعـًا، وكيف تطورت الحياة والمجتمعات التي سكنت هذه المنطقة، وأصل التسميات والمفردات القديمة، وأهم رموزه التاريخية والوطنية، لنصل إلى فترة التاريخ الحديث. نريد من مادة التربية الوطنية أن تعرفنا من هو الإماراتي، ماذا نعرف عن المجتمع الإماراتي وبيئاته المختلفة، أسسه، الأسرة الإماراتية وتقاليدها وعاداتها، زيها ومأكلها ومشربها، أفراحها وأتراحها، لنخلص في النهاية إلى تعريف شامل لهوية المواطن الإماراتي.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر