يا جماعة الخير

إمامنا الحبيب.. تخلق بقولك.. لو سمحت

مصطفى عبدالعال

مرض الرجل مرضاً حار الأطباء فيه، وأصبح طريح الفراش، لا يقوم على قدميه، فبات يشغل وقته بالقرآن والموضوعات المنتقاة من بعض القنوات الفضائية، حتى أصبحت عنده القدرة على التفرقة بين الغث والسمين، وما يستفاد منه من البرامج المعتدلة، وأصبح متابعاً للبرامج الدينية، عنده حاسة التفرقة بين التجاري منها والدعائي، وبين المتحدثين من قلوبهم والمتحدثين بما يروّج لأشخاصهم، وأدرك أن هناك من الدعاة من تجري وراءهم وسائل الإعلام من دون بحث منهم ولا حرص، ودعاة يلهثون وراء حب الظهور والرياء، وربما دفعوا للإعلام، ولا تدخل كلماتهم القلوب، مهما بالغوا في تقمص شخصيات أهل الورع البكائين. وأدرك أن الصادق يخترق القلوب بلا تكلف، وترتاح له النفوس، وتتفاعل معه تفاعل الطالب المجد مع المعلم المخلص، فأصبح تلميذاً على بعضهم من خلال الشاشة الفضية. ومن عجبٍ أنه تفاعل معهم روحياً، حتى أصبح بعضهم رموزاً تأتيه مناماً ويرزقه الله من خلالهم بعض التوجيهات، ولا عجب، فإنّ تعلق القلب بأهل العلم والصالحين نعمة، فما أحبهم إلا لأنهم المذكرون بالله، الغارسون حبه سبحانه في قلوب الصادقين، لذا يجعلهم رموز الخير مناماً، والفعال الموجه هو الله، ولكنه يلفت الرائي إلى أن الله أكرمه بحب العلماء وأهل الله، فهم القوم لا يشقى جليسهم.

وذات ليلة رأى مناماً من يقول له: طبيبك هو الشيخ فلان (أحد الذين يتتلمذ عليهم عبر الفضائيات، من دون تعارف شخصي)، وتكررت الرؤيا فاتصل بالشيخ في أحد البرامج، ولكنه ما زاد على قوله: يا شيخ أحبك في الله، ورأيت في الرؤيا أنك طبيبي، ثم بكى الرجل وخنقته العبرة، فأغلق الخط.

بعد أيام فوجئ بأن الشيخ يتصل، وقد حصل على رقمه من القناة، قائلاً: بحثت عنك لأعطيك حقك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن من حق من قال لأخيه: إني أحبك في الله أن يرد عليه بقوله: أحبك الله الذي أحببتني فيه، بكى صاحبنا ثانية متأثراً بخلق الشيخ، وقص عليه رؤياه وبثه حيرته في عدم فهم معنى الابتلاء بالمرض، وأن الله يرفع به الدرجات ويكفّر السيئات، فقال الشيخ: ألم يكن مرضك سبباً في اتجاهك لمتابعة العلم والعلماء وغيّر حياتك عملياً؟ فأجابه: صدقت، فقال أليس هذا رفع درجات وتكفير سيئات؟ قال: بلى، فقال الشيخ: أما رؤياك فهل تؤمن بحديث: داووا مرضاكم بالصدقة؟ قال: طبعاً، قال: وهل فعلت؟ سكت الرجل، وكأنه تعجب كيف لم يفكر في هذا، ثم قال: لا، فقال الشيخ: فافعل، وانقطع الخط. حاول صاحبنا الاتصال بالشيخ فلم يفلح، فاتجه مباشرة إلى ترتيب صدقات، كما أشارالشيخ، وصدق الله رسوله فتماثل الرجل فعلاً للشفاء، وبحث عن الشيخ حتى التقاه، فرحب به الشيخ قائلاً: راح رقمك مني فذكرني برؤياك، فقال لم تعد رؤيا بل صدقها الله، وجئتك على قدمي بعدما حار الأطباء.

المستشار التربوي لبرنامج وطني

mustafa@watani.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر