يا جماعة الخير

كن شاكراً.. لو سمحت!

مصطفى عبدالعال

كم هي والله رائعة تعليقات القراء الأعزاء على المقال الماضي «كن وافداً لو سمحت»، فقد عكست تجاوباً واحتراماً في الخلاف، حتى ان صدى التعليقات أوصل الرسالة التي قصدها المقال أكثر من المقال ذاته؛ ذلكم لأن المقال يخاطب شريحة من الوافدين تقلقهم كلمة «التوطين»، فتدفع بعضهم إما إلى عنترية جوفاء بادعاء الاستغناء، وإما إلى استعطاف وتمسكن، فدعا المقال أولئك إلى الإبداع في العطاء ليكون الواحد منهم مطلوباً لا عالةً، وعلى قدر قيمته سيكون موضعه هنا أو هناك، وكان الصحابي الوافد «وليس الأجنبي بلغة غير الإمارات» عبدالرحمن بن عوف مثلاً ضُرِب لما كان عليه سادتنا المهاجرون. وقد سبق المقالَ بأسبوعين مقالُ «لا تكن شاذاً»، تناول الشق الأول من الموضوع، فقد خاطب المواطنين برسالة هذه الدولة الحبيبة إلى كل رعاياها من المواطنين والوافدين، وهي رسالة برنامج «وطني» الذي أتشرف بالعمل فيه: تعزيز الهوية والانتماء في كل المقيمين مواطنين ووافدين، وهذا ما أقوله دائماً - وأسأل الله أن أكون صادقاً - لكل الأصدقاء الوافدين الذين يتعرضون لأخطار أمراض الضغط والسكري من قلقهم على لقمة عيشهم: إن التوكل على الله، والإبداع، والاعتراف بالفضل لأهله يجعلك فوق الرؤوس، فكن وافداً معتزاً بنفسك واثقاً بإمكاناتك، لك بصمةٌ يرفعك أثرها، بينما يسقط غيرك لأنه ما أخلص في عمله وتجاوز في عنتريته، فأساء إلى نفسه بل إلى كل مواطني جنسيته.

الجميل في التعليقات أنها أظهرت غيرةً واستنكاراً من شريحة عريضة من الوافدين المثقفين، لا لفكرة المقال وإنما لصورة الوافد الذي وصفه المقال التي تبرأ الكل منها.

في مقال «لا تكن شاذاً» عاتب المقال الذين يفرقون بين العربي والأعجمي، لكن من خلال ذكر الجانب المشرق في المواطنين، أما مقال «كن وافداً» فقد واجه مباشرة الصورة السلبية لقلة من الوافدين.

ومن غير أن تكون الإمارات أفضل بلد للإقامة بالشرق الأوسط، حسب دراسات «ميرسر والأنتلجنس ايكونومست»، فهل استفز المعلقين إلا غيرتهم على إقامتهم بالإمارات، فلم يقبلوا أن يُعرض أحدٌ بأن انتماءهم لها أقل من مواطنيها أو ما فُهم - خطأً - بأنهم ليسوا في بلدهم، فكانت التعليقات الرائعة التي حسمت ولاءهم وانتماءهم، وكان أنصف تعليق هو: «أعتقد أن الكثيرين لم يفهموا مقال الأستاذ مصطفى، فهو لم يقصد الهجوم على الوافدين العاملين المنتجين، والدليل عنوان الموضوع (كن وافداً)، فهو يقصد أن نكون نحن الوافدين عاملين ومنتجين وغير اتكاليين، فكل منا يجب أن يعمل ويبذل قصارى جهده كي يكون مثل عبدالرحمن بن عوف، رضي الله عنه، والحمدلله، الإمارات ساعدت من يريد أن يكون تاجراً وغنياً بجهده وعرق جبينه، فلم تمنع أي شخص من أخذ حقوقه بل كفلت له القوانين لحمايته، وكم من وافد جاء الى الإمارات فقيراً وأصبح اليوم من أصحاب الأموال والممتلكات».

فلنقرأ «لا تكن شاذاً»، ثم «كن وافداً»، ثم نعمل على حمد الله عملياً أن جعلنا جميعاً مواطنين ووافدين في كنف إماراتنا الحبيبة، ولنؤمن بأن سلامة النفوس تستمطر البركات للجميع، فلا تدرون بمن تُرزقون.

المستشار التربوي لبرنامج وطني

mustafa@watani.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر