كل يوم

نعم أؤمن بالسحر!

سامي الريامي

قبل أشهر عدة ألقت شرطة دبي القبض على ساحر «الراشدية»، وأمس أعلنت شرطة عجمان، ومن خلال التنسيق مع «أخبار الإمارات»، تفاصيل إلقاء القبض على ساحر عجمان، ومن دون شك فإن سقوط هذين الساحرين لن يعني أبداً القضاء على ظاهرة السحر والشعوذة، ولن يؤدي إلى اختفاء المشعوذين من المجتمع، ليس ذلك انتقاصاً من رجال الشرطة وجهودهم، ولا هو مدح في قوة المشعوذين ونفوذهم، ولكن نظراً إلى وجود فئات من المجتمع مازالت تعيش عصر الظلام والجهل والتخلف. الشعوذة هي نتاج الجهل، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الدولة في نشر العلم والمعرفة، وعلى الرغم من وصول العالم إلى أقصى درجات التطور، نجد هناك، للأسف، من يعتقد بوجود قوة خارقة عند هؤلاء المشعوذين، ومنهم من يؤمن بوجود فريق من الجن والشياطين يعملون تحت إمرتهم ليل نهار، ويستطيعون بفضل سيطرتهم عليهم الطيران ليلاً من بلاد إلى أخرى، ويستطيعون زرع المحبة في القلوب أو نزعها منها، كما أنهم يستطيعون فتح أبواب الرزق أو الحظ، ويستطيعون تحويل الإنسان إلى حيوان أو العكس!

أجهزة الشرطة بذلت الكثير من الجهود، ولم تترك مناسبة لزيادة التوعية بضرر هؤلاء على المجتمع إلا سلكتها، فهي حريصة على نشر حيلهم ومكرهم، وهي حريصة على نشر أخبار إلقاء القبض عليهم، وكشف ضعف حيلتهم أمام مرأى ومسمع الجميع، وما فعلته شرطة عجمان بالتنسيق مع مؤسسة دبي خير مثال على ذلك، ومع ذلك سيظل هناك من يعتقد بقدرة هذا الساحر على فعل كل شيء حتى وهو مكبل ومرمي في سجن صغير!

القضاء على السحر والشعوذة لن يتم فقط بسقوط هؤلاء المشعوذين، والمسألة تحتاج إلى تشريع جديد يجرم هؤلاء الناس الذين يمكن اعتبارهم السبب الرئيس لوجود الظاهرة وتنامي نشاطات السحرة والدجالين، وهم في الحقيقة شركاء في الجريمة، فالاستنجاد بساحر لمنع حبيب أو حبيبة من الزواج، وإلحاق الأذى بالناس، أو محاولة الانتقام من الآخرين، بأي شكل من الأشكال الكثيرة التي نسمع عنها، هي ممارسات تصب من دون شك ضمن تعبير السلوك الإجرامي، والعملية بأسرها مشاركة إجرامية بين الساحر وطالب «العمل» أو السحر، وأعتقد أن هذه الجريمة المتكاملة لا يتحمل وزرها الساحر أو المشعوذ وحده، بل إن المحرضين هم الركن الأخطر، وهم أساس انتشار ظاهرة الشعوذة، وهم الممولون لهذه العملية بأسرها، ترى ألا يستحقون بعد ذلك كله العقاب؟

اللجوء إلى ساحر أو مشعوذ بغرض إلحاق الضرر بالآخرين أشد وأخطر وأحقر كذلك من تشغيل مخالف لقانون الإقامة في البلد، ومادامت الدولة جرّمت السلوك الأخير، واعتبرته خيانة كبرى، وفرضت على المواطنين عقوبات رادعة، استطاعت من خلالها تقليل نسبة التسلل وتشغيل المخالفين، فالأولى أيضاً التشديد على فئة المترددين على السحرة والمشعوذين والعمل على توقيع عقوبات رادعة بحقهم حتى نجفف منابع الأموال التي تمنح السحرة والدجالين الحياة والانتشار. شخصياً أؤمن بوجود السحر، ولكن ليس سحر «خلط ريش الديك الأحمر بشعرة من تيس أسود، مع روث ثور أزرق، وحرقه أمام بيت المحبوب»، بل أؤمن بوجود السحر في ذلك اللوح المعروف بالـ«آي باد»، الذي يضع العالم كله تحت يدك بلمسات سحرية، وأؤمن بوجود السحر في جهاز الـ«بلاك بيري» الذي يستطيع نقل الرسالة من هاتف في الإمارات إلى آخر مروراً بكندا مع الذهاب والعودة قبل أن يرتد طرفك إليك!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

تويتر