ماذا يحدث في ساحة النفط؟!

إذا كان العرب، والخليجيون خصوصاً، يعتقدون أنهم مازالوا اللاعبين الرئيسين الوحيدين في ميدان النفط وساحات الغاز فهم واهمون واهمون! فقد دخلت أطراف جديدة، وأكثر ثقلاً من حيث احتياطاتها من النفط والغاز، فضلاً عن ثروات طبيعية أخرى، سواء في إفريقيا أو آسيا الوسطى.

وفيما العرب (النفطيون) نائمون على خزائن نفط وغاز قاربت على النضوب في ظل استنزاف عشوائي لها، فإن هناك خزائن من النفط والغاز واليورانيوم والنحاس والذهب والفحم ومختلف الثروات الأخرى تؤكد قوة الدول الجديدة الداخلة إلى ميدان النفط. والدليل على هذا التوجه اهتمام الشركات العالمية المتنامي بالبحث عن موطئ قدم لها في دول إفريقية واعدة بالنفط والغاز ومختلف المعادن، ثم في دول آسيا الوسطى ذات الاقتصادات البكر، إذ تزحف الشركات لها مدعومة بحكومات مدركة حقيقة تلك الثروات التي تحقق لها الاستقرار، ولشعوبها التنمية والازدهار، وعلى رأس دول آسيا الوسطى تأتي كازاخستان وبقية نمور آسيا الوسطى، إذ تمكنت الشركات النفطية الأميركية والأوروبية من حقول النفط والغاز فيها لتشتري ما تستطيع شراءه والتدخل في عقود طويلة المدى مع حكومات متعطشة للمال والثروة، سواء لتعظيم حصيلة أعضائها أو لتحسين الظروف المعيشية والتنموية لشعوبها!

ولعلنا هنا نتذكر تاريخ دخول الشركات النفطية البريطانية ثم الأميركية لمنطقة الخليج العربي قبل استقلال دولها، إذ إنه وبعد أن تأكد لها حقيقة المخزون النفطي فيها ومدى تعطش أبناء المنطقة للتنمية والمال أبرمت اتفاقات اتسمت بكثير من الإجحاف والظلم مع حكومات المنطقة وشعوبها، إذ وصل مدى بعض هذه الاتفاقات إلى نحو 35 عاماً تم بموجبها استنزاف النفط أو سرقته وتصديره إلى دولها، فيما ترمي بالفتات لأبناء المنطقة.

التاريخ اليوم يعيد نفسه، لكن هذه المرة في دول إفريقية فقيرة في إمكاناتها، غنية في ثرواتها، ودول آسيا الوسطى الواعدة بالكثير من ثروات النفط والغاز والمياه والمعادن الأخرى، إذ أبرمت معها شركات النفط العملاقة عقوداً مجحفة! تم بموجبها شراء حقول نفطية بأسعار بخسة، وبموجبها ستدير الدول الصناعية وشركاتها العملاقة ظهرها لدولنا بعد أن تراجعت احتياطاتها من النفط والغاز وقاربت على النضوب خلال فترة لا تتجاوز 40 عاماً، الأمر الذي يجعل دولنا وشعوبها في مواجهة صعبة وصريحة في المستقبل المنظور.

وعلى الرغم من أهمية المؤتمرات التي تعقد لمناقشة الاستراتيجيات النفطية، سواء للدول المستهلكة أو المنتجة، وآخرها مؤتمر «كازإنيرجي» الذي عقد في كازاخستان في بداية الشهر الجاري، إلا أن غياباً واضحاً تسجله الدول النفطية العربية، لاسيما الخليجية عن هذه المؤتمرات، وفيما شاركت في هذا المؤتمر شخصيات سياسية واقتصادية مؤثرة وصانعة للقرار الاستراتيجي النفطي في العالم، فإن المعنيين بالنفط والغاز في دولنا وكذلك القائمين على شركات النفط والغاز غابوا عنه، وكأن الأمر لا يعنيهم، وقد يدركون حقيقة ما تتم مناقشته في مثل هذا المؤتمر حينما يشعرون أن البساط سُحب من تحت أقدامهم، وأنهم أصبحوا خارج اللعبة الاقتصادية، ثم اللعبة السياسية، حينها لن ينفع البكاء على اللبن المسكوب، فقد فات الفوت وتبخرت أحلام اليقظة وتعرضت شعوب المنطقة لصدمة عنيفة، لتفاقم من أوضاعها الصعبة وتزيد من معاناتها!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

الأكثر مشاركة