من المجالس
«علوم الدار».. شكراً
كنت قد عملت سلسلة من المحاضرات والمواعظ داخل البيت، وفي محيط الأسرة الكبيرة، حول خطورة مشروبات الطاقة، وركّزت على الأولاد والبنات الذين كانوا مرة يهزون رؤوسهم كأنهم يومئون لي بإنهاء الموضوع وتغيير «الرمسة»، ومرة أخرى يتبادلون النظرات بتعبيرات لا تخلو من ابتسامة خبيثة تخفي وراءها علبة مشروب وصل للتو، من محطة التّزود بالوقود القريبة من البيت.
وكنت كلما أكثرت من المواعظ ورفعت النبرة على أمل إحداث تأثير في اتجاه الامتناع عن تناول هذه المشروبات الضارة، أرى المزيد من العلب تملأ أكياس المشتريات القادمة من المحطة. ومع اصطناع عدم الاستسلام للواقع، زاد إحساسي بالعجز عن الإقناع، حتى وقعت عيناي أثناء تقليب القنوات التلفزيونية على تقرير إخباري عن مشروبات الطاقة، عرضته قناة أبوظبي عبر البرنامج الناجح «علوم الدار». وقد حاول التقرير، على الرغم من العجلة الإجابة عن معظم الأسئلة المثارة حول الأضرار التي يسببها تناول مشروبات الطاقة.رفعت صوت التلفاز، وطلبت من الجميع، بعين الرجاء، الإنصات والمتابعة، فلاحظت التأثير الذي أحدثه التقرير في دقائق معدودات، وفشلت كل أحبالي الصوتية، وما كنت أعتقد في ما عندي من مواهب وعظية في إيصاله. شعرت كأني أكتشف للتو تأثير الرسالة الإعلامية في توجيه الوعي العام. وتمنيت ألا تكون نهاية ذلك التقرير السكون في أرشيف التلفزيون، وأن تتلقفه السلطات الصحية والتعليمية في كل إمارات الدولة، لتطوف به في المدارس والأندية الرياضية وأندية الرشاقة وكمال الأجسام، لينبه الشباب والبنات، ويثير لديهم التساؤلات، لا بخصوص «ردبول» وأخواتها فقط، وإنما بكل ما يمس صحتهم الجسدية والنفسية والفكرية.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .