أبواب
قبل أن يتفشى
جاءتني رسائل كثيرة تنبئ أن مناخاً غير صحي يحاصرنا في المؤسسات الحكومية والخاصة، فعلى الرغم من أننا دولة تحترم القانون وتُخضع الجميع إليها، إلا أن هناك تحزبات تكوّنت منذ زمن وآخذة في التشعب، ما أوجد نوعاً من الاحتقان في نفوس الذين يشعرون بنوع من الاضطهاد ويتحملون في الوقت نفسه ما يفوق طاقتهم بكثير، وذلك من أجل «لقمة العيش»، ولا غرو في أن تجد فئات كثيرة يعتصرها الهمّ وهم يرون محاباة بعض المديرين لموظفين بعينهم يحملون جنسياتهم نفسها أو يسهلون لهم مصالحهم الشخصية ومن ثم اضطهاد البقية، ليس هذا فحسب، بل نجد أن بعضاً من هؤلاء المديرين الذين أمعنوا في الفساد، فيميلون كل الميل إلى من هم على شاكلتهم ويظهرون البغض والكراهية إلى كل من يختلف معهم، حتى إن لم يُظهر من يعملون تحت إداراتهم أي نوع من التحسس، ولا يَخفى على أحد أن هناك نوعاً آخر من الذين يتولون بعض المناصب داخل الشركات والهيئات والمؤسسات العامة والخاصة، وعلى اختلاف درجاتهم الإدارية يتحيزون بشكل فاضح إلى الجنس الناعم فلا يحبون أن يروا أو يتعاملوا مع أحد من الموظفين سوى صاحبات الوجوه الناعمة والمبهرجة ذوات الأيادي الملساء، وكذلك من يتسترون على أعمالهم الخبيثة، ما ترتب عليه وجود نوع من القسوة الزائدة في معاملة بقية الموظفين ممن خلقهم الله ذكوراً، أو على هيئة ذكور!
هذه الظاهرة باتت أمراً واقعاً ومقلقاً في الوقت نفسه، فلا يمكن التغافل عنها بوضع «أذنٍ من طين وأخرى من عجين»، ولو تركنا هذه الفئة الضالة التي لا ترعى عرفاً ولا تمتثل إلى خُلق ولا تدرك شيئاً عن طبيعة المجتمعات الفاضلة التي لا ترضى ظلماً للعباد، لاستمرأت حالات من الفساد الأخلاقي داخل مؤسساتنا، ما يستوجب أن تعيد الدولة حساباتها من جديد وتسعى إلى إنشاء جهاز رقابي يكون له الحق في دخول موظفيه إلى دائرة أي عمل سواء عامة أو خاصة، بحيث ينفرد مبعوث الجهاز الرقابي بالعاملين ويستمع إلى شكاواهم، موظفاً موظفاً، في إطار من السرية والتكتم الشديد، ولو تبين أن نسبة 60٪، وربما أكثر، يشعرون بالاضطهاد أو يشكون سوء المعاملة أو ما إلى ذلك، فهنا يحق لهذا الجهاز أن يتخذ الإجراءات التي يراها مناسبة بحق كل من سولت له نفسه خرق القوانين الوضعية والإنسانية معاً، طبعاً أنا على يقين أن لدينا «العمل والعمال» وهي جاهزة لاستقبال الشكاوى، لكن في مثل هذه الظروف المستشرية في العديد من مؤسساتنا، أعتقد أن الجهاز الذي «أحلم» بأن يؤسس على تحقيق العدالة والكرامة لكل من ينتمي ويعمل في مؤسساتنا وهيئاتنا سيكون أجدى وأسرع في القضاء على هذه المشكلة واجتثاثها من الجذور.
نحن دولة قوية بأخلاقها ومُثُلها وقيمها وحين ننشئ هذا الجهاز الرقابي، «الحلم»، ربما يكون لنا السبق، وربما أيضاً تقتدي بنا دول أخرى، ولم لا ونحن نسير وفق منظومة تقبل التطور وتسعى إلى الاستفادة من كل الأفكار التي بوسعها أن تضيف جديداً إلينا؟ وأخيراً وليس آخراً، أنبه إلى أنه علينا ضرورة أإخماد النار التي تشتعل ببطء قبل أن تستعر وتصبح بركاناً من الغضب.
لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .