تسديدات

عيسى درويش

كنا نقول سابقاً إن رواتب لاعبي الكرة وعقود الأجانب تلتهم ميزانيات الأندية، أما الآن فنقول إن ظاهرة مقدم العقد للاعبين التي تفوق قيمة رواتب اللاعبين لأكثر من سنة هي التي تلتهم ميزانيات الأندية، أما رواتب اللاعبين نفسها فتلتهم أموال الدعم الإضافي، والغريب أن بدعة مقدم العقد توجد في منطقتنا فقط، ولا ذكر لها في الأندية العالمية التي أسست الاحتراف الرياضي، ومقدم العقد هذا أصبح يشمل حتى اللاعبين المحليين الذين تربوا ونشأوا في صفوف النادي، وتعلموا فيه أبجديات كرة القدم من عمر الناشئين، وهذا أصبح ضريبة يدفعها النادي للجميع من أبناء النادي والمحترفين مع كل تجديد عقد، ومع صرف كل هذه المبالغ الضخمة تأتي فرقنا بفضائح على المستويين القاري والدولي.

يجب إعادة النظر في قيمة لائحة العقوبات بخصوص شغب الجماهير، لأن غرامة 5000 و10 آلاف و20 ألف درهم ليست رادعة، ولم تعد ذات معنى، ولا تؤثر حتى في جيب مشجع بسيط، وليس في نادٍ كبير، ومع احترامنا لجميع أنديتنا التي نعتز بها وبجماهيرها ندعو إلى إيجاد عقوبات رادعة للمشاغبين ومنع دخولهم إلى الملاعب، وحتى إقامة المباراة دون جمهور، وقد يقول أحدهم إننا نسعى بكل الوسائل إلى جذب الجمهور، وأنت تطالب بمنعه من دخول المدرجات، هنا نقول: «مدرجات خالية أبرك لنا من جمهور مشاغب يسيئ لأنديتنا ويلحق الأذى باللاعبين والحكام».

مؤسسة رياضية كبيرة وصلت إلى درجة كبيرة من التسيب والانفلات الوظيفي لدرجة أن بعض موظفيها المواطنين يجلسون في المقهى وقت الدوام الرسمي، وإذا اتصلت بأحدهم فإنه يرد بعد أن يسحب «نفس شيشة (كررررر)»، ثم يقول لك: «ألو تفضل!»، والإدارة تعلم كل ذلك، ولكن لا تجرؤ على المحاسبة!

ضحكت ضحكاً كالبكاء إلى درجة أنني كدت أسقط من على الكرسي، والسبب الحركات التي يقوم بها الحكم الرابع في كل مباريات الدوري والتي تابعتها في الملعب، ففي كل ملاعب العالم لا نرى الحكم الرابع إلا عند تبديل اللاعبين، وعند رفع لوحة الوقت بدل الضائع، أما عندنا فالحكم الرابع أشبه برقيب السير، فيبقى واقفاً طوال الوقت يترصد أي حركة من مقعد البدلاء في الفريقين، تجده يتجه نحو المدرب إذا دخل المنطقة المسموحة له بالتحرك فيها، ثم يتجه نحو الإداري في الجهة الأخرى بمجرد أن يقوم من مكانه، كل هذا ليلفت الأنظار، وليظهر في الصورة لأن المباراة منقولة، ويجب أن يشارك في الحدث. أحد الجالسين سأل زميله بجانبه: «تبا تضحك؟ أجابه: نعم، فقال: طالع حركات الحكم الرابع».

تابعت مباراة غريميو وكورنثيانز في الدوري البرازيلي، وشاهدت الهدف الرائع الذي أحرزه دوغلاس دوس سانتوس محترف الوصل السابق، أحد الجالسين قال: لماذا لم يسجل دوغلاس مثل هذه الأهداف في دورينا؟ فقلت له: «مب دوغلاس»، لو ميسي يلعب في دورينا «بيخترب»، لأن الاحتراف عندنا بـ«الجلب»، والأجواء تساعد على التكاسل والتراخي.

مراسل في إحدى قنواتنا الرياضية لايزال في بداية عمله مراسلاً أخذ يخاطب مدرب الشارقة بعد المباراة الأخيرة للفريق في الدوري قائلاً: «كاجودا أنت عملت كذا وكذا»، نقول للمراسل: من أصول العمل الإعلامي ألا تنادى شخصاً في هذه الحالة باسمه المجرد بل بصفته ووظيفته، فتقول له: «كوتش» أو «كابتن»، فيجب احترام المدرب وعمره ومكانته، أما أن تناديه باسمه المجرد فلا يجوز لأنه ليس لاعباً في فريق الأشبال. وأتمنى من قنواتنا الرياضية إخضاع مراسليها الجدد في دورات متخصصة قبل أن تزج بهم في معترك العمل الإعلامي.

tasdidat@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر