أبواب

أين الطريق

زياد العناني

يأخذ مفكرو الغرب علينا أننا أمة لا نملك اتجاهاً سياسياً ينتمي إلى الحركية الاجتماعية وحقوقها الديمقراطية، التي تعني أن لكل إنسان الحق في أن يأخذ دوراً في حكومة دولته مباشرة أو عن طريق اختيار ممثلين عنه. ويؤكدون دائماً مع بعض التهذيب أننا لم نزل في المرحلة البربرية ولا نملك إلا بعض الأصداء المدينية الباهتة، إضافة إلى أننا لم ندخل الفكر بعد إلى دائرة الممارسة.

اتهامات كثيرة نسمع عنها ونرد عليها بحكم الفزعة والنخوة من غير أن نتأكد من مدى صدقيتها أو صحتها ومن غير أن نتوقف لكي نتساءل أين نحن؟ ومتى نسترد وعينا بعد غياب دام لعقود عدة عرفنا فيها جملة من الحركات الإصلاحية أو شبه الإصلاحية، ولم نعرف الإصلاح الغائب بحكم أنه ظل نظرياً وبعيداً عن حقيقة التطبيق.

بين مآخذ الغرب وحقيقة وعينا تتجمهر جملة من القضايا التي أخفقنا في حلها سواء في السياسة أو الاقتصاد أو حتى في مشروعات الوهم المغلف بالتنمية إلى الحد الذي يعني أننا فشلنا ولم نسيطر على نشاطنا التاريخيالذي لايزال يتمطى في الماضي.

وانطلاقاً من هذا الإخفاق بات علينا أن نكون ونتكون خارج المحيط العقلاني، وأن نصبح في العربة الأخيرة لقطار العالم هذا إن بقي لنا مكان في هذه العربة، بيد أن بعض البلدان التي لا تملك مثلما نملك استطاعت أن تتخطى الحاجة في الزراعة والصناعة، وراحت تمارس اختياراتها التي فكرت فيها سواء كانت سياسية أو دينية أو اقتصادية، وهنا بالضبط علينا أن نشير وبالأصابع كلها إلى من ساروا وسرنا معهم في طرقات مبهمة كانت تُسمى بالمسيرة والمرحلة والنهضة في بعض الأحيان ونقول أين أنتم؟ وأين أهدرتم مواردنا وجهودنا؟ ولماذا صرنا بلا تسميات وبلا مسيرة أو مرحلة أو حلم؟ ولماذا كتب علينا أن نتدافع عبر ممرات الاستهلاك ونأخذ معنى السوق شراء وليس انتاجاً لكل خردة العالم بما فيها النخب الثاني والثالث لكي نؤكد حيازتنا التامة للوعي المستلب؟

من نحن مقارنة بدولة مثل ماليزيا أو الصين أو تايلاند أو دول التوجه نحو الإبداع الكامل؟ ثم من نحن بعد قرن من الآن؟ وهل سنكون في موقعنا أم في موقع البعد الفائض نحمل الوجه الديني نفسه والسياسي نفسه ونخضع لشروط الانحطاط ونرى التغيير وهو يمر من غير أن يجد قوى تمارسه؟

من يدقق النظر في مقولة هيغل عن الاستلاب سوف يتأكد أننا ضمن حضورها خصوصاً أنها تعني الصيرورة الغريبة عن الذات، وبناء على هذه الصيرورة نحتاج إلى التغيير ونحتاج إلى قوى تقوم عليه وتمارسه، كما نحتاج ايضاً إلى وصفة غير مثقوبة أو مخترقة تدلنا على سبل تحديد العلاقة المتبادلة بين حقوق الإنسان والديمقراطية، وتعيد النظر في رسم الطريق التي تاهت بنا وتدلنا على الطريق التي مرت منها المجتمعات الإنسانية المتفوقة، وتعمل عكس عبارة المستشرق جاك بيرك الصائبة التي ظلت تعرف العرب كما يرون أنفسهم «سادة قدامى فاتحين ولم يعد لهم دور في الزمن».

zeyad_alanani@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر