من المجالس
هناك مؤسسات وجهات لا تهتم بتوظيف المواطنين، وهي لا تدعي غير ذلك، ولا تقول ما لا تفعل. هذه الجهات سدت أذنيها من البداية وأبقت نفسها بعيدة عن «مظاهرة» التوطين. هذه الجهات لم يعاكس فعلها قولها، ولم تدخل في جوقة النفاق والعزف على وتر الأشجان، ولم تفرد أجنحتها في معارض التوظيف. هذه الجهات رغم تنكرها لحق مواطني الدولة في الوظيفة وتنكرها لدورها ومسؤولياتها في تشجيع التوطين، فإنها ليست الأخطر على سياسة التوطين، إن كانت هناك سياسة بالفعل.
المشكلة الحقيقية تكمن في الجهات والمؤسسات والشركات والبنوك التي لا تدخر مناسبة ولا توفر فرصة لممارسة نفاقها الاجتماعي والوطني بالتحدث كثيراً عن التوطين، والعمل من تحت الطاولة لإفشال أي توجه للتوطين. هذه الجهات التي خصصت مبالغ طائلة من ميزانياتها للصرف على معارض التوظيف ونشر الإعلانات في وسائل الإعلام وفي الشوارع وعلى الطرق السريعة بدعوة الشباب المواطنين إلى سرعة الانخراط في هياكلها الوظيفية، ثم تتملص بعد ذلك من دعواتها ووعودها بوقف التعيينات «مؤقتاً». والمؤقت يصبح شبه دائم، بينما تبقى التعيينات من باب «التعهيد» و«الكوادر» لغير المواطنين مفتوحة. ولا يفوت بعض هذه الجهات أن تقوم بتعيين نفر من المواطنين بين وقت وآخر تحريكاً للغبار، ثم تقوم من جهة أخرى بممارسة ضغوط على موظفين موجودين بالفعل لدفعهم نحو «الفنش» فتبقى المعادلة في تراجع رغم الأرقام الوهمية التي تصدرها هذه الجهات حول نسب التوطين لديها.
لذلك صار لزاماً التدخل لمحاسبة الجهات التي تدعي تشجيع التوطين قبل تلك التي ترفض المشاركة أصلاً في توظيف المواطنين. والمحاسبة يفترض أن تسبقها رقابة تكشف الحقائق على الواقع ولا تعترف بالأرقام والإحصاءات الوهمية. والرقابة تتطلب فتح باب الشكوى والتظلم للمحرومين من الوظيفة بشكل مؤسسي يمتلك أدوات عمل قوية ومؤثرة.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .