يا جماعة الخير

لا تترك لغة القرآن.. لو سمحت

مصطفى عبدالعال

في محاضرة رائعة عن هويتنا واللغة العربية بالملتقى الرمضاني، قال أ. د. السيد دياب دويدار أستاذ النقد والأدب بجامعة الأزهر: الوحي الذي أنزله الله على جميع أنبيائه كان بالعربية، وكان كل نبي مرسل يبلغ قومه بلسانهم، وفي الحديث «والذي نفسي بيده، ما أنزل الله عز وجل وحياً قط على نبي من الأنبياء إلا بالعربية، ثم يكون بعد ذلك النبي يبلغ قومه بلسانهم». (رواه الطبراني)، فكيف انتشرت اللغة العربية وسادت البلاد مع الفتح الإسلامي؟

انتشر الإسلام وسكن المسلمون المتقدمون أرض الشام ومصر ولغة أهلها رومية وقبطية، كما سكنوا أرض العراق وخراسان ولغة أهلها فارسية، وسكنوا أرض المغرب ولغة أهلها بربرية، أحبهم الناس فاكتسبوا لغتهم العربية حتى غلبت على تلك الأمصار، فوسائل المحافظة على هويتنا ولغتنا هي:

1- الإيمان بالله تعالى والالتزام بتعاليمه التزاماً واعياً بعيداً عن الإفراط والتفريط، وهذا بدهي لن يكون إلا باللغة العربية.

2- تعهد لغتنا المتوارثة مع الاعتزاز بها واستعمالها كهوية وطنية.

3- متابعة التاريخ واكتشاف ما فيه، ماضيه وحاضره عربياً وإسلامياً.

4- تعاون كل الجهود قيادة وشعباً في حفظ التراث والإفادة منه وذلك بحفظ الآثار وترميمها وتحويلها إلى أماكن سياحية، وإحياء الأنشطة التي توضح تاريخ الوطن وجوانب نهضته وتشجيع مسابقات تدعم أإحياء التراث، مع التركيز على الوسيلة الثانية وهي اعتياد الخطاب بالعربية وتلقينها للصغار، فهو يسهم في استعمالها، أما إهمالها وتعود الخطاب بغيرها فإنه يؤثر سلباً في هويتنا الوطنية، ولهذا حذر عمر بن الخطاب من الحديث بغير العربية فقال: «إياكم ورطانة الأعاجم». كما قال: «من يحسن أن يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالعجمية فإنه يورث النفاق»، لما فيه من فخر وتباهٍ بمعرفة اللغات، كما كره الإمام الشافعي لمن يعرف العربية أن يتكلم بغيرها. وإن كان لا مانع من الحديث بغير العربية لكن في حدود الضرورة العلمية أو السياسية أو التجارية وبقدرها ومع غير العرب.

وقال ابن تيمية «وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله - يقصد البلدة - أو لأهل الدار أو للرجل مع صاحبه أو لأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه، فلا ريب أن هذا مكروه». ولا عجب فإن اللسان العربي شعار الإسلام، واللغة من أعظم ما تتميز به الشعوب، وقد مر عمر بن الخطاب على قوم يسيئون الرمي (بالنبال والسهام) فقرعهم، فقالوا إنا قوم «متعلمين» فأعرض عنهم مغضباً وقال: «والله لخطؤكم في لسانكم أشد عليّ من خطئكم في رميكم (صوابها متعلمون)»، أثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «رحم الله امرءاً أصلح من لسانه». وأعرب المحاضر عن سعادته بقراءة كتيب فيه كلمة لصاحب السمو رئيس الدولة قال فيها: «يجب التركيز على اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم والتراث الثقافي والعلمي الممتد على مر الزمن، فإن كلاً من اللغة والثقافة تسهم مساهمة فعالة في المحافظة على هوية الأمة وشخصيتها».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه

mustafa@watani.ae

تويتر